أعلنت وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (جاكسا)، اليوم الاثنين، فشل الإطلاق الثامن لصاروخ الفضاء الياباني الجديد "إتش 3" (H3)، بعد تعرضه لمشكلة تقنية في محرك المرحلة الثانية، حالت دون وصوله إلى المدار المحدد وفق الخطة المعلنة.
ويُعد هذا الإخفاق تحديًا جديدًا أمام برنامج الفضاء الياباني، الذي يطمح إلى تعزيز حضوره التنافسي في سوق إطلاق الأقمار الصناعية عالميًا.
وذكرت جاكسا، في بيان نقلته هيئة الإذاعة اليابانية (NHK)، أن أنظمة المراقبة رصدت خللًا في عمل محرك المرحلة الثانية أثناء الرحلة، ما اضطر الفريق الفني إلى إنهاء المهمة تجنبًا لأي مخاطر محتملة. وأوضحت الوكالة أن الصاروخ لم يتمكن من تحقيق السرعة والارتفاع المطلوبين للوصول إلى المدار المستهدف، وهو ما أدى إلى اعتبار الإطلاق غير ناجح.
وأكدت وكالة الفضاء اليابانية أن فرقها التقنية ستباشر فورًا إجراء تحليل شامل ودقيق لجميع البيانات المسجلة خلال عملية الإطلاق، بهدف تحديد السبب الجذري للمشكلة الفنية، سواء كانت متعلقة بالمحرك نفسه أو بأنظمة التحكم والتغذية.
وأضافت أن هذه الخطوة تأتي في إطار التزام اليابان الصارم بمعايير السلامة والجودة العالية في برامجها الفضائية، وعدم التسرع في تنفيذ محاولات جديدة قبل معالجة أوجه القصور بالكامل.
ويُعد صاروخ "إتش 3" حجر الزاوية في الجيل الجديد من صواريخ الإطلاق اليابانية، إذ تم تصميمه ليكون أكثر كفاءة من حيث التكلفة مقارنة بسابقه "إتش 2A"، مع الاعتماد بشكل أكبر على التكنولوجيا المحلية. وتهدف اليابان من خلال هذا الصاروخ إلى تقليل اعتمادها على الشركاء الخارجيين، وتعزيز استقلاليتها في مجال الفضاء، لا سيما في إطلاق الأقمار الصناعية الخاصة بالاتصالات، ومراقبة الأرض، والأبحاث العلمية.

ويأتي هذا الفشل في وقت تسعى فيه طوكيو إلى توسيع دورها في سباق الفضاء العالمي، وسط منافسة متزايدة من قوى كبرى مثل الولايات المتحدة والصين، إضافة إلى دخول شركات خاصة بقوة إلى سوق الإطلاقات الفضائية.
كما يمثل برنامج H3 ركيزة أساسية في خطط اليابان لدعم قطاعها الصناعي والتكنولوجي، وفتح آفاق جديدة للاستثمار في الصناعات المرتبطة بالفضاء.
ورغم الانتكاسة، شددت جاكسا على أن الإخفاقات التقنية تعد جزءًا طبيعيًا من تطوير الأنظمة الفضائية المتقدمة، مشيرة إلى أن العديد من البرامج الفضائية العالمية مرت بمراحل مماثلة قبل تحقيق النجاح والاستقرار التشغيلي.
وأكدت الوكالة أن الدروس المستخلصة من هذه التجربة ستسهم في تحسين التصميم والأداء خلال الإطلاقات المقبلة.
ويرى خبراء في الشأن الفضائي أن استمرار تطوير صاروخ H3 يظل خيارًا استراتيجيًا لليابان، رغم التحديات التقنية المتكررة، معتبرين أن النجاح النهائي لهذا المشروع سيمنح طوكيو مكانة أقوى في سوق إطلاق الأقمار الصناعية التجارية، ويعزز دورها كقوة تكنولوجية متقدمة في مجال الفضاء.
وفي انتظار نتائج التحقيق الفني، تبقى الأنظار موجهة نحو الخطوات القادمة لوكالة جاكسا، التي تعول على تجاوز هذه العقبة واستعادة الثقة في برنامجها الفضائي الطموح، بما يدعم أهداف اليابان العلمية والاقتصادية على حد سواء.