تحل اليوم ذكرى رحيل زكي طليمات، أحد رواد المسرح المصري وأكاديمي قبل أن يصبح ممثلاً، والذي وُلد عام 1894. تميز طليمات بمسيرة فنية وأكاديمية طويلة، حيث أسس معهدًا لتدريس فنون المسرح في مصر وبعض الدول العربية، وتخرج على يديه أجيال من الشباب الذين أصبحوا لاحقًا من أبرز نجوم المسرح. كما جسد شخصية دوق آرثر في فيلم الناصر صلاح الدين.
بدأ اهتمامه بالمسرح منذ صغره، حين أسس أول فريق مسرحي للهواة مع زملائه، وقدموا مشاهد مسرحية بسيطة، وحوّل دروس المطالعة في المدرسة إلى عروض تمثيلية. خلال فترة دراسته للبكالوريا، منعته إصابة والدته بالتيفود من الذهاب إلى المدرسة لمدة أربعين يومًا، فاستغل هذه الفترة في ممارسة التمثيل والإخراج مع فرقتي عبد الرحمن رشدي وجورج أبيض، وانضم إلى جماعة رقي الآداب والتمثيل، ثم إلى جمعية أنصار التمثيل، حيث أخرج ومثل قصصًا مثل "مدينتين" لتشارلز ديكنز و"شانرتون" لدفينى.
رحل زكي طليمات في مثل هذا اليوم عام 1982، تاركًا إرثًا فنيًا وتعليميًا ساهم في نشر فن المسرح وتطويره في مصر والعالم العربي.
بعد تخرجه عمل زكي طليمات موظفًا في حديقة الحيوان لفترة، وكان يقول دائمًا إنه تعلم التمثيل من القرود. ثم عمل معاونًا بدار الأوبرا الملكية، وسافر إلى فرنسا لدراسة الإخراج المسرحي، وحصل على دبلومة الإلقاء وشهادة الإخراج من المسرح الكوميدي فرانسيز، قبل أن يعود ليعمل مديرًا للمسرح القومي ومؤسسًا لمعهد التمثيل.
في عام 1930 أسس زكي طليمات جمعية لدعم الحركة المسرحية بمشاركة مجموعة من الكتاب والفنانين، وتولى رئاستها. وفي نفس العام أنشأ أول معهد حكومي لفن التمثيل العربي، ما أثار ثورة الأزهر ضد المعهد بحجة مخالفة التقاليد الإسلامية، فأُغلق المعهد عام 1931، قبل أن يُعاد افتتاحه عام 1944 ويصبح جزءًا من النشاط المدرسي.
خاض طليمات العديد من المعارك في المسرح لمواجهة أزمة تركز السلطة في يد صاحب الفرقة الذي يديرها وفق أهوائه، بينما يعاني الممثلون الآخرون من غياب صوتهم. وقد دعم الأديب عباس محمود العقاد مواقفه، بينما شن يوسف وهبي حملة ضده.
كان زكي طليمات يرى أن المسرح يمثل عمق الحياة، وأنه أفهمه الحياة وأفهمه نفسه، مضحياً بشبابه ووقته وقوته من أجل الفن، وكان دائمًا يوجه نصيحته للشباب بحب الفن والتضحية من أجله.
كما وضع كتابًا بعنوان "مواقف ووجوه" سجل فيه مواقف مع 21 فنانًا وسياسيًا تعامل معهم في حياته، وقدم صورة صادقة عن جيل طليمات في التمثيل. وبدأ كتابه برجل المال طلعت حرب الذي دعمه بمبلغ عشرة جنيهات في بداية مسيرته المسرحية.
على الصعيد الشخصي، تزوج طليمات من روز اليوسف بعد صراع عليها مع يوسف وهبي، وأنجب منها ابنته آمال طليمات، ثم أحب الراقصة امتثال فوزي قبل أن تفارق الحياة، وتزوج لاحقًا من الفنانة إحسان الشريف. رحل زكي طليمات في 22 ديسمبر 1982، تاركًا إرثًا فنيًا وأكاديميًا عميقًا في المسرح المصري والعربي.