في تطور لافت على صعيد الملف النووي الإيراني، أقر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بتعرض منشآت بلاده النووية لأضرار وصفها بـ«الجسيمة»، مؤكدًا في الوقت ذاته أن هذه الضربات لم تنهِ البرنامج النووي الإيراني، ولا القدرة التقنية التي يقوم عليها.
وشدد عراقجي على أن طهران لا تزال متمسكة بحقها الكامل في تخصيب اليورانيوم، مع إبداء استعدادها لتقديم ضمانات دولية شاملة تؤكد الطابع السلمي لبرنامجها النووي.
وفي مقابلة مع قناة «روسيا اليوم»، قال عراقجي إن «الواقع هو أن منشآتنا تعرضت لأضرار كبيرة»، لكنه أضاف أن «التكنولوجيا لا يمكن قصفها»، مشيرًا إلى أن المعرفة النووية الإيرانية ما زالت قائمة، وأن إرادة الدولة وعزمها على مواصلة البرنامج لم يتأثرا.
وأوضح أن إيران طورت هذه التكنولوجيا بجهودها الذاتية، وقدم علماؤها تضحيات كبيرة في سبيلها، إلى جانب ما تحمله الشعب الإيراني من تبعات العقوبات والحروب، معتبرًا أن التخلي عن هذا الحق «أمر غير مطروح».
وفي مقابل هذا التشديد على الحقوق، أكد وزير الخارجية الإيراني استعداد بلاده لتقديم «ضمانات كاملة» للمجتمع الدولي بأن برنامجها النووي سلمي بطبيعته وسيبقى كذلك مستقبلًا. واستحضر في هذا السياق تجربة الاتفاق النووي المبرم عام 2015، واصفًا إياه بـ«الإنجاز الدبلوماسي» الذي حظي بترحيب دولي واسع، بعدما قبلت طهران حينها اتخاذ إجراءات لبناء الثقة مقابل رفع العقوبات.
وقارن عراقجي بين مسارين رئيسيين تعامل بهما المجتمع الدولي مع إيران، قائلًا إن التجربة العسكرية «لم تحقق أهدافها»، في حين أثبت المسار الدبلوماسي نجاحه، معتبرًا أن الخيار بين هذين النهجين «لا يزال بيد الولايات المتحدة».
وفيما يتعلق بمطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول إلى المنشآت المتضررة، أكد عراقجي أن إيران لا تزال ملتزمة بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ومستعدة للتعاون مع الوكالة، لكنه تساءل عن آلية تفتيش منشآت تعرضت لهجوم عسكري، مشيرًا إلى غياب أي سابقة دولية في هذا الشأن.
وأوضح أن طهران والوكالة اتفقتا على ضرورة التفاوض لوضع إطار وآلية واضحة للتعامل مع هذه الحالات.
وعلى صعيد التوترات الإقليمية، لم يستبعد عراقجي احتمال شن هجوم جديد على بلاده، مؤكدًا أن إيران «أكثر استعدادًا من أي وقت مضى»، وأن هدفها ليس خوض الحرب بل منعها، معتبرًا أن الاستعداد هو أفضل وسيلة لتحقيق ذلك.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تتزايد فيه المؤشرات على تحركات إسرائيلية لبحث خيار توجيه ضربة عسكرية جديدة ضد إيران.
ووفق تقرير لشبكة «إن بي سي»، يعتزم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عرض خطة متكاملة على الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال لقاء مرتقب في فلوريدا نهاية ديسمبر، تتضمن تقييمات استخباراتية وخيارات عملياتية تستهدف إيران، ما يعكس استمرار حالة التصعيد وعدم اليقين في المنطقة.