أعلنت السلطات السورية، الأحد، نجاح أجهزتها الأمنية في تفكيك خلية إرهابية تابعة لتنظيم داعش في ريف دمشق، وذلك في إطار العمليات المستمرة التي تنفذها الدولة السورية لملاحقة بقايا التنظيمات المتطرفة ومنع محاولاتها إعادة بناء شبكاتها داخل البلاد.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، نقلًا عن قائد الأمن الداخلي في محافظة ريف دمشق السورية، العميد أحمد الدالاتي، أن الأجهزة الأمنية تمكنت من تنفيذ عملية أمنية دقيقة أسفرت عن تفكيك خلية إرهابية كاملة تابعة لتنظيم داعش، والقبض على جميع أفرادها في منطقة داريا الواقعة جنوب غربي العاصمة السورية دمشق.
عملية أمنية محكمة
وأوضح العميد أحمد الدالاتي، في تصريح رسمي، أن العملية نُفذت بعد تحريات استخبارية موسعة ومتابعة دقيقة لتحركات عناصر الخلية على مدار أسابيع، مشيرًا إلى أن الوحدات المختصة في الأمن الداخلي السوري تعاونت بشكل مباشر مع جهاز الاستخبارات العامة السوري لرصد نشاط المجموعة الإرهابية وتحديد مكان تمركزها.
وأضاف المسؤول الأمني السوري أن القوات الأمنية داهمت الوكر الذي كانت تتحصن فيه الخلية في توقيت مدروس، ما حال دون تمكن العناصر الإرهابية من الفرار أو تنفيذ أي أعمال عدائية، مؤكدًا أن العملية جرت دون تسجيل إصابات في صفوف القوات الأمنية أو المدنيين.
وأسفرت العملية، بحسب السلطات السورية، عن إلقاء القبض على زعيم الخلية الإرهابية إلى جانب 6 عناصر آخرين، ليصل إجمالي عدد الموقوفين إلى 7 أفراد، جميعهم ينتمون لتنظيم داعش الإرهابي.
وأشار العميد الدالاتي إلى أن الأجهزة الأمنية ضبطت بحوزة أفراد الخلية أسلحة وذخائر متنوعة، كانت معدة لاستخدامها في تنفيذ عمليات إرهابية تستهدف مواقع أمنية وحيوية، إضافة إلى تهديد أمن المدنيين في ريف دمشق والمناطق المحيطة.
وأكد أن التحقيقات الأولية كشفت أن الخلية كانت تعمل بشكل سري، وتعتمد على التنقل المحدود والتخفي، في محاولة لتفادي الرصد الأمني، مستفيدة من بعض المناطق التي شهدت سابقًا نشاطًا للتنظيمات المتطرفة.
استراتيجية سورية لمكافحة الإرهاب
وشدد قائد الأمن الداخلي في ريف دمشق السورية على أن هذه العملية تأتي في إطار استراتيجية أمنية شاملة تنتهجها الدولة السورية لتجفيف منابع الإرهاب، وملاحقة الخلايا النائمة، ومنع أي محاولات لزعزعة الأمن والاستقرار.
وقال إن الأجهزة الأمنية السورية لن تتهاون مع أي تهديد يمس أمن المجتمع، مؤكدًا أن العمل الاستخباري الاستباقي سيظل حجر الأساس في مواجهة التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم داعش.
وأضاف أن العمليات الأمنية ستتواصل في مختلف المحافظات السورية، خاصة في المناطق التي حاولت التنظيمات الإرهابية استغلالها سابقًا لإعادة تنظيم صفوفها أو تنفيذ هجمات مفاجئة.
وتأتي هذه العملية بعد أيام قليلة من إعلان قيادة الأمن الداخلي في محافظة إدلب السورية، في السادس عشر من ديسمبر/كانون الأول الجاري، عن تفكيك خلية أخرى تابعة لتنظيم داعش، وذلك بالتعاون مع إدارة مكافحة الإرهاب التابعة لجهاز الاستخبارات العامة السوري.
وذكرت السلطات السورية آنذاك أن الخلية التي جرى توقيفها في إدلب كانت مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية سورية في محافظتي إدلب وحلب، مشيرة إلى أن عناصرها اعترفوا بتلقي تعليمات مباشرة من قيادات في التنظيم.

ويرى مراقبون أن تكثيف العمليات الأمنية السورية خلال الفترة الأخيرة يعكس تصاعد المخاوف من محاولات تنظيم داعش إعادة تفعيل خلاياه النائمة، مستغلًا التحديات الأمنية والاقتصادية التي تشهدها بعض المناطق.

ورغم الضربات القاسية التي تلقاها التنظيم خلال السنوات الماضية، لا تزال خلاياه تسعى لتنفيذ عمليات محدودة بهدف إثبات الوجود وبث رسائل إعلامية، إلا أن الأجهزة الأمنية السورية تؤكد أن قدرتها على الرصد والتتبع تطورت بشكل ملحوظ، ما ساهم في إحباط العديد من المخططات قبل تنفيذها.
داريا.. موقع حساس
وتكتسب منطقة داريا بريف دمشق السورية أهمية خاصة من الناحية الأمنية، نظرًا لقربها من العاصمة دمشق، ما يجعل أي نشاط إرهابي فيها يشكل تهديدًا مباشرًا للمراكز الحيوية ومؤسسات الدولة.
وأكدت مصادر أمنية سورية أن اختيار التنظيم لهذه المنطقة يعكس محاولته استغلال الكثافة السكانية والتحركات اليومية للمدنيين كغطاء لنشاطه، إلا أن المتابعة الدقيقة حالت دون تحقيق أهدافه.
تأكيد على الاستقرار
وفي ختام تصريحه، أكد العميد أحمد الدالاتي أن الأجهزة الأمنية السورية مستمرة في أداء واجبها لحماية المواطنين والحفاظ على السلم الأهلي، مشددًا على أن الأمن والاستقرار في سوريا يمثلان أولوية قصوى للدولة، ولن يُسمح لأي تنظيم متطرف بتهديدهما.
وأشار إلى أن التعاون بين الأجهزة الأمنية والمواطنين يلعب دورًا محوريًا في كشف التحركات المشبوهة، داعيًا السكان إلى الإبلاغ عن أي نشاط يثير الشك، بما يسهم في تعزيز الأمن الجماعي.
وتعكس هذه العملية، وفق متابعين، استمرار الحرب الأمنية السورية ضد الإرهاب، بالتوازي مع الجهود السياسية والعسكرية الرامية إلى تثبيت الاستقرار ومنع عودة الفوضى، في ظل بيئة إقليمية لا تزال تشهد تحديات أمنية معقدة.
وبتفكيك هذه الخلية في ريف دمشق، تكون السلطات السورية قد وجهت رسالة واضحة مفادها أن المعركة مع الإرهاب لم تنتهِ بعد، وأن الأجهزة الأمنية تتابع عن كثب أي تحركات مشبوهة، مهما كانت محدودة، لضمان عدم تكرار سيناريوهات العنف التي شهدتها البلاد في سنوات سابقة.