المغرب العربي

حين تسقط الخرائط المزورة.. فرنسا تعيد المغرب إلى حجمه الحقيقي

الإثنين 22 ديسمبر 2025 - 11:56 ص
غاده عماد
الأمصار

قبل ساعات قليلة من حفل افتتاح نهائيات كأس أمم إفريقيا التي تحتضنها المملكة المغربية، نشرت كل من قناة فرانس 24 وإذاعة مونت كارلو الدولية مادة بصرية تبدو للوهلة الأولى رياضية وتقنية، لكنها في العمق تحمل دلالات سياسية وقانونية عميقة، تتجاوز بكثير مجرد عرض تواريخ استضافة البطولة القارية.

المؤسستان الإعلاميتان، اللتان تعدان تقليديا من أبرز الأذرع الناعمة للدبلوماسية الفرنسية، عرضتا خريطة الدول العربية التي استضافت كأس أمم إفريقيا، ورسم فيها المغرب داخل حدوده الدولية المعترف بها أمميا، دون إدراج الصحراء الغربية ضمن ترابه،

في خطوة تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، وتنسف عمليا سنوات من الترويج المغربي لخرائط وهمية تخالف القانون الدولي والشرعية الأممية.

ما حدث ليس تفصيلا عابرا، ولا “هفوة تقنية” كما يحاول الإعلام المغربي تسويقه، بل هو إقرار ضمني بحقيقة سياسية وقانونية ثابتة، مفادها أن الصحراء الغربية إقليم غير متمتع بالحكم الذاتي، مدرج ضمن أجندة تصفية الاستعمار، ولا تربطه أي سيادة قانونية بالمملكة غير الشريفة، مهما تعددت محاولات فرض الأمر الواقع.

الأكثر دلالة في هذا المشهد، أن الاعتراف الضمني جاء من فرنسا تحديدا، الدولة التي لطالما شكلت الداعم الأكبر للموقف المغربي داخل أروقة مجلس الأمن، والمدافع الشرس عن أطروحته التوسعية، سواء عبر العرقلة السياسية أو المناورات الدبلوماسية.

فإذا كانت باريس، بكل ثقلها السياسي ومصالحها الاستراتيجية، لا تستطيع تجاوز الحقيقة الجغرافية والقانونية والسياسية في وثيقة إعلامية موجهة للرأي العام الدولي، فإن ذلك يؤكد أن سقف التزييف بلغ نهايته.

هذه الواقعة تكشف، مرة أخرى، أن كل ما راكمه المخزن من حملات ضغط، وصفقات، وتحالفات ظرفية، لم ولن يغير من جوهر القضية. فالقانون الدولي لا يعاد رسمه بالخرائط الدعائية، والحدود لا تفرض بالخطاب الإعلامي، والسيادة لا تكتسب بالقوة أو التطبيع السياسي.

بل على العكس، فإن هذا الاعتراف غير المباشر يعزز الموقف الثابت للشعب الصحراوي، ويؤكد عدالة قضيته، ويعيد التذكير بأن حق تقرير المصير ليس شعارا سياسيا، بل مبدأ قانوني راسخ، كفلته قرارات الأمم المتحدة، وأقرت به محكمة العدل الدولية، ولا يسقط بالتقادم ولا بالمساومات.

إن ما جرى يسقط ورقة أخرى من أوراق التوت التي حاول المخزن الاحتماء بها، ويثبت أن الصحراء الغربية ليست مغربية لا تاريخيا، ولا جغرافيا، ولا سياسيا، ولا قانونيا، وأن الحقيقة، مهما طال إنكارها، تعود دائما لتفرض نفسها.. حتى من داخل إعلام الحلفاء.