كشفت السلطات الفرنسية عن واقعة سرقة جديدة طالت أحد أهم رموز الدولة، بعد إلقاء القبض على موظف يعمل داخل قصر الإليزيه، المقر الرسمي للرئيس الفرنسي، بتهمة الاستيلاء على عشرات القطع الفاخرة وبيع بعضها عبر مواقع الإنترنت، في قضية أثارت جدلاً واسعاً حول مستوى التأمين داخل المؤسسات السيادية والثقافية في فرنسا.
ووفقاً لبيان صادر عن النيابة العامة الفرنسية في باريس، فإن المتهم الرئيسي في القضية هو توماس م.، وهو موظف فرنسي كان يشغل منصب المسؤول عن جناح الضيافة الفاخر داخل قصر الإليزيه، حيث يختص هذا الجناح باستقبال كبار الضيوف الرسميين وتنظيم المناسبات الرئاسية.
وأظهرت التحقيقات أن المتهم استغل موقعه الوظيفي وصلاحياته للوصول إلى مقتنيات ثمينة تعود للدولة الفرنسية، وقام تدريجياً بتهريبها خارج القصر.
وأوضحت النيابة الفرنسية أن قيمة المسروقات تقدر بنحو 40 ألف يورو، وتشمل قرابة 100 قطعة فاخرة تم العثور عليها لاحقاً في منزل الموظف الفرنسي، وفي سيارته الخاصة، إضافة إلى خزانة شخصية كان يستخدمها لإخفاء المقتنيات. ومن بين القطع المضبوطة أوانٍ نحاسية نادرة، وقطع خزفية من إنتاج مصنع “سيفر” الفرنسي الشهير، وكؤوس شمبانيا فاخرة، إلى جانب مجسم فني صغير يحمل توقيع الفنان الفرنسي الراحل رينيه لاليك.
وأشارت التحقيقات إلى تورط شخصين آخرين في القضية، هما داميان ج.، الذي يشتبه في مشاركته في عمليات البيع، وغيسلين م.، وهو رجل فرنسي يُعتقد أنه اشترى بعض القطع المسروقة مع علمه بمصدرها غير المشروع.
ولفتت النيابة العامة الفرنسية إلى أن المتهم الرئيسي قام بعرض عدد من المسروقات على مواقع مزادات إلكترونية، من بينها منافض سجائر فاخرة وأدوات مائدة مختومة بختم القوات الجوية الفرنسية، في محاولة لتحقيق أرباح مالية وإخفاء مصدر القطع.
كما كشفت التحقيقات أن الموظف المتهم لجأ إلى حيلة إدارية لتفادي الشبهات، عبر خفض توقعات الجرد الخاصة بالمخزون المستقبلي لجناح الضيافة، بهدف التغطية على النقص الناتج عن السرقات المتكررة.
وبعد مداهمات أمنية دقيقة، تمكنت الشرطة الفرنسية من استعادة جميع القطع المضبوطة، والتي أُعيدت لاحقاً إلى قصر الإليزيه.

وتأتي هذه الواقعة بعد أسابيع قليلة من حادثة سطو أثارت صدمة كبيرة في الأوساط الثقافية الفرنسية، حين تعرض متحف اللوفر الفرنسي لعملية سرقة استهدفت قطعاً نادرة من معرض أبولو، من بينها مجوهرات تعود للإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت والإمبراطورة أوجيني، ما فتح باب التساؤلات حول فعالية الإجراءات الأمنية في أبرز المعالم الفرنسية.
ويواجه المتهمون الثلاثة اتهامات ثقيلة تتعلق بسرقة مقتنيات مصنفة ضمن التراث الوطني الفرنسي، وهي جرائم يعاقب عليها القانون الفرنسي بالسجن لمدة تصل إلى عشر سنوات، بالإضافة إلى غرامة مالية قد تبلغ 150 ألف يورو. وفي سياق متصل، قررت الجهات المختصة إيقاف غيسلين م. عن عمله كحارس أمن في متحف اللوفر حتى صدور الحكم النهائي في القضية.
ومن المقرر أن تبدأ جلسات محاكمة المتهمين أمام القضاء الفرنسي في 26 فبراير المقبل، وسط اهتمام إعلامي واسع، في ظل تصاعد المخاوف بشأن حماية الممتلكات العامة والتراث الثقافي في فرنسا.