حذّر المستشار الخاص للأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية، تشالوكا بياني، من تصاعد خطير في الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، مؤكداً أن العالم يشهد هجمات مباشرة على المدنيين وغياباً شبه كامل للالتزام بالقواعد الدولية، ما يجعل خطر ارتكاب الفظائع مرتفعاً للغاية، بل واقعاً يحدث بالفعل.
وأوضح بياني، في تصريحات نقلتها الشرق للأخبار، أن تدهور الأوضاع في السودان يمثل أحد أكثر الأمثلة إلحاحاً على هذا الواقع المقلق، مشيراً إلى أن إقليم دارفور، الذي خضع لتحقيق أممي لأول مرة في تسعينيات القرن الماضي، لا يزال يعاني من تصاعد العنف بعد عقود من دون الوصول إلى حلول جذرية.
وأضاف أن الأوضاع في دارفور لم تشهد أي تحسن ملموس، مؤكداً أن سقوط الحكومة المدنية ساهم في تفاقم الأزمة، في ظل انهيار المسار الانتقالي واستمرار النزاع المسلح، الأمر الذي عمّق معاناة السكان المدنيين.
ويشهد السودان منذ اندلاع الحرب بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع في أبريل 2023 تصعيداً واسعاً في أعمال العنف والانتهاكات بحق المدنيين، لا سيما في إقليم دارفور، وسط تحذيرات أممية متكررة من مخاطر ارتكاب جرائم فظيعة وانهيار شامل للأوضاع الإنسانية، في ظل محدودية الاستجابة الدولية واستمرار حالة الإفلات من العقاب.
حذّرت الدكتورة أماني الطويل، الخبيرة في الشؤون الإفريقية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، من أن أي هدنة أو وقف لإطلاق النار في السودان دون تبلور معادلة سياسية واضحة، ستقتصر على تهدئة مؤقتة قد تمهد الطريق لصراع جديد مستقبلي.
جاء ذلك خلال حوارها مع الإعلامي نشأت الديهي ببرنامج "بالورقة والقلم" على فضائية Ten مساء السبت 20 ديسمبر 2025، حيث أكدت الطويل أن تحقيق الاستقرار في السودان لا يزال ممكنًا، لكنه مرتبط بشرط أساسي، وهو قدرة القوى السياسية السودانية على التوصل إلى اتفاق شامل وصياغة نموذج حكم مدني حديث، قائم على إرادة سياسية حقيقية، بعيدًا عن منطق الدولة القبلية والانقسامات التقليدية التي لطالما عرقلت العملية السياسية في البلاد.
وأضافت الطويل أن أي اتفاق سياسي ناجح في السودان يجب أن يركز على بناء مؤسسات الدولة المدنية الحديثة، وضمان مشاركة جميع الأطراف الفاعلة في القرار السياسي، بما يخلق بيئة مستقرة لتطبيق إصلاحات حقيقية وإعادة بناء مؤسسات الدولة.
وفيما يتعلق بالوضع في منطقة القرن الإفريقي، أشارت الطويل إلى أن السياسة الداخلية الإثيوبية تلعب دورًا حاسمًا في صياغة التوجهات الإقليمية للبلاد، موضحة أن ملف سد النهضة استُخدم أداة سياسية من قبل القيادة الإثيوبية لتعزيز اللحمة الداخلية في مواجهة التحديات السياسية والعرقية المتصاعدة.

كما لفتت إلى التدخلات الإثيوبية الإقليمية، بما في ذلك تهديدها لإريتريا بالاستيلاء على أجزاء من أراضيها بهدف الوصول إلى البحر الأحمر، كأحد العوامل التي تؤدي إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة، وما يترتب عليها من تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار الإقليمي.
وأكدت الطويل أن أي مسار لحل النزاع في السودان يجب أن يكون متكاملًا، يشمل التهدئة الإنسانية والسياسية معًا، وإلا فإن أي وقف مؤقت لإطلاق النار لن يكون أكثر من مجرد حل مؤقت قد يفتح الباب لصراع جديد، محذرة من أن الإهمال السياسي للملف السوداني سيؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية والأمنية في الإقليم.