يشهد التعاون بين روسيا والدول الأفريقية نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، مع ارتفاع حجم التبادل التجاري وتوسع الشراكات الاقتصادية في مجالات استراتيجية.
ويُظهر هذا التطور رغبة موسكو في تنويع علاقاتها الخارجية، وتحقيق مصالح متبادلة مع القارة الأفريقية، خصوصًا في ظل التغيرات العالمية والأزمات التي تواجهها روسيا.
بلغ حجم التبادل التجاري بين روسيا والدول الأفريقية نحو 28 مليار دولار، وهو رقم يعكس تطور العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، هذا النمو جاء نتيجة جهود موسكو لتعزيز التعاون الاقتصادي بعيدًا عن الاعتماد على الأسواق التقليدية، ما يفتح آفاقًا جديدة للتبادل التجاري والاستثماري.
سعت روسيا منذ سنوات إلى تنويع علاقاتها الدولية، خاصة مع تفاقم أزمتها مع الغرب عقب الحرب في أوكرانيا، بل وحتى قبل اندلاعها. واستثمرت موسكو هذا التوجه في تقوية علاقاتها مع الدول الأفريقية، مستفيدة من فرص القارة الاقتصادية والديموغرافية.

بدأت مرحلة الانفتاح الروسي على أفريقيا بشكل رسمي خلال قمة روسيا–أفريقيا الأولى التي عُقدت في منتجع سوتشي عام 2019، برئاسة مشتركة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وقد شكلت هذه القمة منصة لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين الجانبين.
تلتها القمة الثانية في سان بطرسبرج عام 2023، والتي أكد خلالها بوتين استعداد روسيا لدعم الأمن الغذائي في أفريقيا وضمان حصول السكان المحليين على حصص عادلة من الموارد الطبيعية المستخرجة من القارة، بما يعكس التزام موسكو بشراكات عادلة ومستدامة.
تتبنى روسيا خطابًا يميز علاقاتها مع أفريقيا عن الدول الأوروبية، مؤكدة أنها دولة بلا ماضٍ استعماري في القارة، ما يمنح التعاون الروسي–الأفريقي بعدًا مختلفًا، ويقلل من حواجز الشك ويزيد من الثقة المتبادلة.
تمتلك أفريقيا تعدادًا سكانيًا يقارب 1.4 مليار نسمة، ما يجعلها سوقًا واعدة للاستثمارات الروسية، ويتيح فرصًا كبيرة لتنمية مصالح اقتصادية متبادلة وتطوير شراكات طويلة الأمد.
يشكل المؤتمر الروسي–الأفريقي المنعقد في القاهرة خطوة تمهيدية مهمة للقمة الثالثة المرتقبة عام 2026، إذ يركز على توسيع التعاون في المجالات الحيوية وضمان تنفيذ اتفاقيات الشراكة بشكل متكامل.
تتناول القمة المقبلة عددًا من الملفات الاستراتيجية، أبرزها:
الطاقة: تعزيز مصادر الطاقة وتطوير شراكات طويلة الأمد.
الأمن الغذائي: دعم الزراعة وتحسين إنتاج الغذاء في القارة.
استثمارات البنية التحتية: مشاريع النقل والاتصالات والمواصلات.
الشراكات الاقتصادية طويلة الأمد: تطوير التبادل التجاري وتحفيز الاستثمارات المشتركة.