دعت الولايات المتحدة الأميركية إلى التوصل لهدنة إنسانية في السودان مع اقتراب عام 2026، في ظل استمرار الحرب الدائرة منذ أكثر من عام ونصف، والتي خلّفت أوضاعًا إنسانية بالغة السوء، فيما وجّه الاتحاد الأفريقي تحذيرًا شديد اللهجة لقوات الدعم السريع بسبب الانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين.
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن بلاده ترى أن الفترة الحالية، مع قرب نهاية العام وبداية عام جديد، تمثل فرصة مناسبة لوقف القتال في السودان، والتوصل إلى هدنة إنسانية تتيح إيصال المساعدات إلى ملايين المتضررين.
وأضاف وزير الخارجية الأميركي أن الهدف العاجل لواشنطن يتمثل في وقف الأعمال القتالية قبل نهاية العام، بما يسمح للمنظمات الإنسانية الدولية بالعمل دون عوائق أو تهديدات.
وأكد روبيو أن الولايات المتحدة تبذل جهودًا دبلوماسية مكثفة مع الأطراف المعنية بالصراع، موضحًا أن الأعياد وبداية العام الجديد تشكل “فرصة حقيقية” يمكن البناء عليها لإقناع أطراف النزاع بالتهدئة. كما أشار وزير الخارجية الأميركي إلى أن استمرار الحرب في السودان يرتبط بشكل مباشر بالدعم الخارجي الذي تتلقاه بعض الأطراف، بما في ذلك شحنات الأسلحة، لافتًا إلى وجود دعم عسكري يُقدَّم لقوات الدعم السريع.
وأوضح روبيو أنه أجرى محادثات وصفها بـ”الصريحة والمناسبة” مع عدد من الأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة في الملف السوداني، مؤكدًا أن هذه الدول تمتلك نفوذًا حقيقيًا يمكن استخدامه للضغط من أجل فرض هدنة إنسانية.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن في تصريحات سابقة عزمه التدخل من أجل العمل على وقف الحرب في السودان، في إطار الجهود الأميركية لاحتواء الأزمة.
ومنذ اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023، شهد السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث قُتل عشرات الآلاف من المدنيين، وتشرد نحو 13 مليون شخص داخل البلاد وخارجها، فضلًا عن تفشي المجاعة في عدد من الولايات، وانهيار الخدمات الصحية والمعيشية.

وأعرب وزير الخارجية الأميركي عن قلقه الشديد إزاء تقارير تتحدث عن تعرض قوافل المساعدات الإنسانية لهجمات، واصفًا ما يحدث في السودان بأنه “مروع وفظيع”.
وفي سياق متصل، وجّه الاتحاد الأفريقي تحذيرًا صارمًا لقوات الدعم السريع، حيث قال مبعوث الاتحاد الأفريقي إلى السودان محمد بلعيش إن الاعتداءات الممنهجة ضد المدنيين، بما في ذلك القتل والتشريد وتدمير البنية التحتية، تُعد أفعالًا مدانة ولن تمر دون محاسبة. وأكد المبعوث الأفريقي أن مرتكبي هذه الانتهاكات لن يفلتوا من العقاب، في إشارة إلى إمكانية اتخاذ إجراءات سياسية وقانونية بحق المسؤولين عنها.
وجاءت تصريحات بلعيش عقب لقائه رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان في مدينة بورتسودان، حيث سلّمه رسالة رسمية من رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.
وشدد المبعوث على دعم الاتحاد الأفريقي الكامل لسيادة السودان ووحدة أراضيه، مؤكدًا رفض أي محاولات لتشكيل مؤسسات موازية داخل البلاد. كما جدّد الدعوة إلى حل سياسي سلمي شامل، عبر حوار وطني سوداني برعاية إقليمية ودولية، ينهي الحرب ويعيد الاستقرار.
وتشير المعطيات الميدانية إلى أن قوات الدعم السريع تسيطر حاليًا على ولايات دارفور الخمس في غرب السودان، باستثناء أجزاء من شمال دارفور، في حين يفرض الجيش السوداني سيطرته على 13 ولاية من أصل 18، من بينها العاصمة الخرطوم. ويعكس هذا الوضع تعقيد المشهد العسكري والسياسي، ويزيد من أهمية الدعوات الدولية والإقليمية لوقف القتال والتوجه نحو تسوية سياسية شاملة تنقذ السودان من الانهيار.