في ظل تصعيد غير مسبوق في لهجة وإجراءات الولايات المتحدة تجاه فنزويلا، تتزايد المخاوف الإقليمية والدولية من احتمال انزلاق الأوضاع نحو مواجهة عسكرية مفتوحة، بعد أن أبقت واشنطن خيار الحرب مطروحًا بشكل صريح، بالتوازي مع تشديد العقوبات الاقتصادية وتكثيف الضغوط العسكرية والبحرية.
فقد قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في مقابلة هاتفية مع شبكة «إن.بي.سي نيوز» نُشرت الجمعة، إنه لا يستبعد اندلاع حرب مع فنزويلا، مؤكدًا أن هذا الخيار «لا يزال على الطاولة».
وجاء هذا التصريح بالتزامن مع إعلان واشنطن نيتها تنفيذ عمليات مصادرة إضافية لناقلات نفط بالقرب من المياه الفنزويلية، بعد أن احتجزت بالفعل ناقلة نفط خاضعة للعقوبات قبالة سواحل البلاد خلال الأيام الماضية.
وفي خطوة تعكس تصعيدًا عمليًا، أمر ترامب بفرض ما وصفه بـ«حصار» على جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات التي تدخل وتخرج من فنزويلا، في مسعى واضح لخنق شريان الدخل الرئيسي لحكومة الرئيس نيكولاس مادورو، والمتمثل في صادرات النفط.
ووفق مصادر أميركية، شملت حملة الضغط تكثيف الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، إضافة إلى تنفيذ أكثر من عشرين ضربة عسكرية على سفن في المحيط الهادئ والبحر الكاريبي قرب فنزويلا، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 90 شخصًا.
من جانبه، صعّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو من الاتهامات، معتبرًا أن فنزويلا تمثل «نقطة انطلاق رئيسية لتهريب المخدرات» إلى الولايات المتحدة، وأن نظام مادورو يتعاون مع «جهات إرهابية» مثل إيران وحزب الله.
كما وصف فنزويلا بأنها «أكبر مزعزع للاستقرار في منطقة البحر الكاريبي»، محذرًا من تهديدات متعددة تواجهها واشنطن من دول في أميركا الوسطى. وفي سياق منفصل، أشار روبيو إلى أن الولايات المتحدة لا تسعى لفرض اتفاق على أوكرانيا، مؤكدًا وجود «تقدم كبير» نحو إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، في محاولة على ما يبدو لنفي ازدواجية المعايير في السياسة الخارجية الأميركية.
على الصعيد الاقتصادي، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات جديدة على سبعة أشخاص مرتبطين بالرئيس مادورو وزوجته، من بينهم أفراد من عائلة أحد أقرباء زوجته، الذي سبق أن خضع لعقوبات بتهم فساد، بحسب وكالة «رويترز».
ولم تقتصر العقوبات على الأفراد، بل امتدت لتشمل شركات شحن ونقل نفط فنزويلية، في إطار حصار بحري جزئي يهدف إلى تقييد قدرة النظام على استخدام عائدات الطاقة.
وقد أدت هذه الإجراءات إلى توسيع دائرة التوتر إقليميًا، حيث أعلنت دول مثل ترينيداد وتوباجو استعدادها لفتح مطاراتها أمام الدعم اللوجستي الأميركي، ما يضفي بعدًا إقليميًا إضافيًا على الصراع. في المقابل، دانت فنزويلا هذه العقوبات بشدة، واعتبرتها هجومًا مباشرًا ومتعمدًا على سيادتها، محذرة من عواقب خطيرة على الاستقرار في المنطقة بأكملها، في وقت تبدو فيه احتمالات المواجهة أكثر واقعية من أي وقت مضى.