أعلنت شبكة أطباء السودان، وهي جهة طبية مستقلة تُعنى برصد الأوضاع الإنسانية والصحية في البلاد، مقتل 16 مدنيًا سودانيًا، بينهم نساء وكبار سن وأطفال، وإصابة عدد آخر بجروح متفاوتة الخطورة، جراء قصف مدفعي متعمد استهدف مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان، خلال الساعات الماضية.
وأوضحت الشبكة، في بيان رسمي صدر اليوم الخميس، أن القصف نُفذ بواسطة قوات الدعم السريع السودانية بالتزامن مع عناصر من الحركة الشعبية – شمال، مشيرة إلى أن الهجمات استمرت على فترات متقطعة على مدار 48 ساعة، وأسفرت عن خسائر بشرية ومادية كبيرة، فضلًا عن تدهور الأوضاع الإنسانية للمدنيين العالقين داخل المدينة.
وأكدت شبكة أطباء السودان أن القصف المدفعي طال أحياء سكنية مكتظة بالمدنيين، دون وجود أي مظاهر عسكرية، ما أدى إلى سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا، وخلق حالة من الذعر والخوف بين السكان، خاصة في ظل النقص الحاد في الإمدادات الطبية وصعوبة وصول سيارات الإسعاف إلى المناطق المتضررة.

وأضاف البيان أن استمرار العمليات العسكرية في مدينة الدلنج فاقم من معاناة الأهالي، وأدى إلى تعطّل المرافق الصحية المحدودة أصلًا، محذرة من ارتفاع أعداد الضحايا في حال تواصل القصف، في ظل غياب أي ممرات آمنة لإجلاء المصابين أو إيصال المساعدات الإنسانية.
ودعت الشبكة جميع الأطراف المتحاربة في السودان إلى الوقف الفوري لاستهداف المناطق السكنية، واحترام قواعد القانون الدولي الإنساني التي تجرّم الاعتداء على المدنيين، مؤكدة أن ما يجري في الدلنج يمثل انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان، ويهدد حياة آلاف المواطنين.
كما طالبت المنظمات الدولية والإنسانية بتكثيف جهودها للضغط من أجل وقف إطلاق النار، وتأمين وصول المساعدات الطبية والغذائية إلى مدينة الدلنج ومحيطها، خاصة مع تزايد أعداد النازحين داخليًا نتيجة القصف المتواصل.
وفي سياق متصل، كانت الأمم المتحدة قد أكدت في وقت سابق من اليوم الخميس، أن هناك حاجة ملحة لإجراء تحقيق جنائي دولي بشأن ما جرى في مخيم زمزم للنازحين في إقليم دارفور غربي السودان. وأوضحت المنظمة الدولية أن المحكمة الجنائية الدولية تمتلك تفويضًا قانونيًا للتحقيق في الجرائم المرتكبة في الإقليم.
وقالت الأمم المتحدة، في تصريحات صحفية، إن الانتهاكات التي وقعت في مخيم زمزم مرتبطة بهجوم شنته قوات الدعم السريع السودانية في أبريل الماضي، مشيرة إلى أن صور الأقمار الصناعية تمثل أدلة قوية على ارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين.
وشددت المنظمة الدولية على ضرورة إيصال المدنيين في مناطق دارفور وكردفان إلى أماكن آمنة، والسماح الفوري بدخول فرق التحقيق والمساعدات الإنسانية، مؤكدة أنها وثّقت الانتهاكات اعتمادًا على أكثر من 150 مقابلة مع ناجين وشهود عيان.
وتعكس الأحداث المتسارعة في الدلنج ومخيم زمزم حجم الأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان، في ظل استمرار النزاع المسلح وتعدد أطرافه، وسط تحذيرات دولية من كارثة إنسانية أوسع إذا لم يتم التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، وضمان حماية المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.