صوّت مجلس الشيوخ الأميركي، اليوم الأربعاء، لصالح مشروع قانون موازنة وزارة الدفاع لعام 2026، والذي تضمن مادةً مهمة تنص على إلغاء عقوبات قيصر المفروضة على سوريا منذ عام 2019.
ويأتي هذا القرار كخطوة كبيرة لدعم الحكومة السورية الجديدة، وتمهيدًا لاستعادة قدرة دمشق على الانفتاح التدريجي على الاستثمارات الدولية، بعد سنوات طويلة من العقوبات الاقتصادية المشددة. ويأتي إقرار مجلس الشيوخ بعد أن صادق مجلس النواب الأميركي على نفس المشروع الأسبوع الماضي، ويحتاج الآن لمصادقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليصبح نافذًا رسميًا.
وصوّت أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الديمقراطي والجمهوري بأغلبية واضحة بلغت 77 صوتًا مقابل 20 صوتًا، لصالح مشروع القانون الذي يسمح بإنفاق نحو 900 مليار دولار على البرامج العسكرية الأميركية، ويحدد أجندة سياسة الدفاع الوطني للولايات المتحدة.
ويأتي ذلك بعد أن أعلنت وزارة الخزانة الأميركية في نوفمبر الماضي تعليق فرض عقوبات قيصر لمدة 180 يومًا، في خطوة تمهيدية تمهد الطريق أمام الإلغاء النهائي للعقوبات بالكامل.
في سياق دعم الحكومة السورية الجديدة، التقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرئيس السوري أحمد الشرع في المملكة العربية السعودية في مايو الماضي، قبل أن يستقبله مرة أخرى في نوفمبر في البيت الأبيض بالعاصمة الأميركية واشنطن. وتمثل هذه الزيارة أول لقاء رسمي لرئيس سوري في البيت الأبيض منذ استقلال البلاد عام 1946، ما يعكس أهمية المرحلة الجديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين.
ويتيح الإلغاء النهائي لعقوبات قيصر تخفيف القيود على التحويلات المالية الخارجية وتسهيل التجارة الدولية من خلال تنشيط عمليات الاستيراد والتصدير، ما يعيد تدريجيًا الثقة بالنظام المصرفي السوري، ويشجع على عودة الاستثمارات الأجنبية والمحلية والعربية، خصوصًا في قطاعات البنية التحتية والطاقة والصناعة، وهو ما يمثل خطوة اقتصادية هامة بعد سنوات من العقوبات المشددة.

فرض قانون قيصر عام 2019 كأداة للضغط الاقتصادي والسياسي على الحكومة السورية أثناء حكم بشار الأسد، ومنع الاستثمار الدولي في البنية التحتية داخل البلاد، إذ اعتبره المشرّعون وسيلة لمحاصرة النظام السوري وحلفائه. ويعد القانون من أشد العقوبات الاقتصادية صرامة على سوريا، إذ يمنع أي دولة أو كيان من التعامل مع الحكومة السورية أو دعمها ماليًا أو اقتصاديًا، كما أثر بشكل مباشر على قدرة دمشق على الانخراط في الاقتصاد العالمي وتحقيق التنمية المستدامة.
وتأمل الحكومة السورية الجديدة في دمشق أن يؤدي إلغاء القانون إلى عودة الاستثمارات تدريجيًا، وتدفق الشركات الأجنبية، وإعادة ربط النظام المصرفي السوري بالنظام المالي العالمي، وهو ما قد يسهم في تخفيف الضغوط الاقتصادية، وتحسين مستويات النمو، وخلق فرص عمل جديدة، فضلاً عن تعزيز الثقة في المؤسسات المالية السورية.
ويعكس هذا القرار تحولًا مهمًا في السياسة الأميركية تجاه سوريا، حيث بدأت واشنطن في التركيز على دعم استقرار الحكومة الجديدة وتحفيز التنمية الاقتصادية، بدل الاعتماد على العقوبات الصارمة فقط، ما يفتح آفاقًا جديدة أمام تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في سوريا، ويؤكد على أهمية إعادة الدمج التدريجي للنظام المصرفي السوري في المنظومة المالية الدولية.
كما يُتوقع أن يساهم الإلغاء في تعزيز التعاون العربي والدولي مع دمشق، وفتح مجالات أوسع للشراكات التجارية والاستثمارية، ما يمثل فرصة مهمة للحكومة السورية لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية، وتحقيق خطوات ملموسة نحو التعافي الاقتصادي بعد سنوات من الأزمات والعزلة.