كشف شهود عيان عن استمرار القصف على مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان لمدة ست ساعات، ابتداءً من الساعة السابعة صباحًا وحتى الثانية عشرة ظهرًا، وسط هجمات مكثفة شنتها قوات الدعم السريع والحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو على المدينة، خاصة في الأحياء الغربية، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين. وأكد الشهود مقتل ستة أشخاص بينهم ثلاثة أطفال وإصابة آخرين بإصابات متفاوتة.
تحركت قوات اللواء 54 مشاة الدلنج نحو منطقة النتيل، إحدى مناطق سيطرة الحركة الشعبية جناح الحلو، لمحاولة التصدي للهجمات، فيما تشهد مدينتا الدلنج وكادوقلي تصعيدًا عسكريًا حادًا مع استمرار الحصار، ما أدى لتعطل الإمدادات الأساسية ونقص حاد في الغذاء والدواء. وأفادت تقارير أممية صدرت في 16 ديسمبر 2025 بمقتل أكثر من 100 مدني نتيجة القصف بالمدفعية والطائرات المسيرة، مع تبادل السيطرة على مواقع استراتيجية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وتعرض المنشآت المدنية بما فيها المستشفيات لدمار كبير.
في الوقت نفسه، أدى استمرار العمليات العسكرية إلى موجات نزوح واسعة، حيث فر آلاف المدنيين إلى مناطق أكثر أمانًا داخل الإقليم أو الولايات المجاورة، بينما تحاول قوى محلية مسلحة والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال الحفاظ على مواقعها وسط المشهد العسكري المعقد. ومنذ اندلاع النزاع المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، شهد السودان تصاعدًا غير مسبوق في النزوح الداخلي والخارجي، مع تدهور الخدمات الأساسية وانهيار البنية التحتية في عدة ولايات. ويعيش المدنيون في ظل نقص شديد في الغذاء والمياه والكهرباء، فيما تكافح المنظمات الإنسانية لتقديم المساعدات وسط تحديات أمنية ولوجستية كبيرة، مما يزيد معاناة السكان ويهدد استقرار البلاد على المدى الطويل.
شدد مستشار الرئيس سلفاكير للشؤون الأمنية بجنوب السودان، توت قاتلواك، على ضرورة أن تلجأ جميع أطراف الصراع في السودان إلى الحوار والتفاوض، مؤكداً أن الحلول لن تتحقق عبر البندقية، وأن الطريق الأمثل لتحقيق الاستقرار والسلام هو الانخراط في مفاوضات جادة وشاملة.
جاء ذلك خلال اجتماع قاتلواك مع رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في مدينة بورتسودان، حيث تم تبادل وجهات النظر حول الأوضاع الأمنية والسياسية في السودان، وكذلك سبل تعزيز التعاون بين البلدين. وذكرت وكالة الأنباء السودانية الرسمية “سونا” أن الزيارة تأتي ضمن جهود دبلوماسية لتخفيف التوترات بعد نشر قوات جنوب سودانية في حقل هجليج النفطي الاستراتيجي المتنازع عليه.
وأمس الأحد، استقبل الفريق أول البرهان وفداً رفيع المستوى من جنوب السودان برئاسة قاتلواك، حيث سلم رسالة خطية من الرئيس سلفاكير، تعكس حرص جوبا على دعم الاستقرار في السودان وتهيئة بيئة مواتية للحوار الوطني. ووصف وكيل وزارة الخارجية السودانية، معاوية عثمان خالد، المحادثات بأنها ركزت على “العلاقات الأخوية” بين البلدين، مع اهتمام خاص بقطاعات الطاقة والنفط والتجارة والتعاون الاقتصادي، مشيراً إلى أن الزيارة تمثل إحدى أهم الزيارات في هذا التوقيت الحساس.

وأكد عثمان أن البرهان وجه الأجهزة المختصة لعقد اجتماعات منتظمة مع الجانب الجنوب سوداني لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك حماية المنشآت النفطية والتعاون في مجالات الطاقة والتجارة. من جانبه، قال وزير خارجية جنوب السودان، مندي سيمايا كومبا، إن المناقشات كانت “مثمرة وشفافة وواعدة للغاية”، مشيراً إلى استمرار الاجتماعات الفنية لمعالجة القضايا المشتركة، خصوصاً المتعلقة بقطاع النفط والتجارة، واتفق الجانبان على مواصلة الانخراط في لقاءات ثنائية وفنية لمعالجة هذه القضايا.