اقتصاد

الصين تبني أقوى نظام للطاقة الكهرومائية بالعالم... ومخاوف من مخاطره المحتملة

الأربعاء 17 ديسمبر 2025 - 02:18 م
غاده عماد
الأمصار

على مسافة بعيدة من السواحل الصينية المزدحمة، تستعد بكين لتنفيذ أحد أكثر مشاريع البنية التحتية طموحًا وإثارة للجدل في تاريخها الحديث، يتمثل في إنشاء نظام عملاق للطاقة الكهرومائية عند منعطف حاد لنهر يارلونغ تسانغبو في منطقة الهيمالايا بالتبت. ويُتوقع أن يصبح هذا المشروع الأكبر من نوعه عالميًا من حيث القدرة على توليد الكهرباء، بتكلفة تقدر بنحو 168 مليار دولار.

ويأتي المشروع في سياق سعي الصين إلى تأمين احتياجاتها المتزايدة من الطاقة النظيفة، خاصة مع التوسع الكبير في استخدام السيارات الكهربائية، وتنامي الطلب على الطاقة لتشغيل تقنيات الذكاء الاصطناعي. وقد شدد الرئيس الصيني شي جينبينغ، خلال زيارة نادرة إلى التبت هذا العام، على ضرورة تنفيذ المشروع بقوة ومنهجية، معتبرًا إياه ركيزة للتنمية والاستقرار.

يعتمد المشروع على استغلال فارق الارتفاع الحاد في مجرى النهر، من خلال حفر أنفاق عبر الجبال لتحويل تدفق المياه وتشغيل سلسلة من محطات الطاقة الكهرومائية، بعضها تحت الأرض. ويرى خبراء أن هذا النظام قد يشكل إنجازًا هندسيًا غير مسبوق، لكنه في الوقت نفسه يثير مخاوف بيئية وجيوسياسية واسعة.

فرغم مساهمته المحتملة في تقليص اعتماد الصين على الفحم وخفض الانبعاثات الكربونية، يحذر مختصون من أن المشروع قد يُلحق أضرارًا جسيمة بنظام بيئي نادر، ويهدد سبل عيش ملايين الأشخاص في دول المصب، خصوصًا في الهند وبنغلاديش، حيث يعتمد السكان على النهر في الزراعة والصيد.

كما يثير قرب المشروع من الحدود الصينية الهندية المتنازع عليها قلقًا سياسيًا، إذ تخشى نيودلهي من استخدامه كورقة ضغط استراتيجية، ووصفت بعض وسائل الإعلام الهندية المشروع بأنه تهديد مائي محتمل. ويزيد من هذه المخاوف الغموض الذي يحيط بتفاصيل المشروع، رغم تأكيد الصين أنها أجرت دراسات طويلة الأمد، وأنها ستتخذ إجراءات صارمة لحماية البيئة وضمان سلامة دول المصب.

إلى جانب التحديات السياسية، يواجه المشروع مخاطر طبيعية جسيمة، إذ يقع في منطقة شديدة النشاط الزلزالي، وتنتشر فيها الانهيارات الأرضية والفيضانات الجليدية. ورغم الثقة الكبيرة في قدرات المهندسين الصينيين، يؤكد خبراء أن تنفيذ مشروع بهذا الحجم في بيئة معقدة كهذه يظل اختبارًا غير مسبوق، قد يحمل نتائج بعيدة المدى على المستويين الإقليمي والدولي.