أكد عميد المحامين التونسيين بوبكر بالثابت أن قضية اغتيال المهندس التونسي محمد الزواري ما زالت تفتقر إلى محاسبة حقيقية، رغم مرور تسع سنوات على الجريمة، مشددًا على أن غياب العدالة في هذا الملف يمثل إخفاقًا قانونيًا وأخلاقيًا لا يمكن القبول باستمراره.
جاء ذلك خلال تظاهرة نظمتها الهيئة الوطنية للمحامين بتونس، يوم الثلاثاء، بدار المحامي في العاصمة التونسية، لإحياء الذكرى التاسعة لاغتيال الشهيد محمد الزواري، بحضور شخصيات قانونية وسياسية وممثلين عن فصائل المقاومة الفلسطينية.
وقال عميد المحامين التونسيين في كلمته إن إحياء ذكرى الزواري يمثل تجديدًا للعهد مع القيم التي استشهد من أجلها، مؤكدًا أن عملية الاغتيال نفذتها، على حد تعبيره، «يد الغدر الصهيونية» في مدينة صفاقس، في جريمة لا تزال دون محاسبة فعلية إلى اليوم.
وأضاف أن استمرار الإفلات من العقاب في هذه القضية يعكس حجم التحديات التي تواجه العدالة، ليس في تونس فقط، بل على المستوى الدولي.

وأشار بالثابت إلى أن الجرائم الإسرائيلية لا تتوقف، لافتًا إلى أن العالم يشهد يوميًا أخبارًا تؤكد استمرار ما وصفه بالإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وسط صمت دولي مقلق. واعتبر أن اغتيال الزواري يأتي في سياق استهداف كل من يساند القضية الفلسطينية ويدافع عنها علميًا أو سياسيًا أو ميدانيًا.
وفي سياق متصل، أعلن عميد المحامين التونسيين انطلاق الاستعدادات الأولية لإعادة تنظيم رحلات «أسطول الصمود»، موضحًا أن الأجل الأقصى لخروج أسطول جديد لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة سيكون خلال شهر أبريل 2026، في إطار دعم الشعب الفلسطيني وتعزيز التضامن الشعبي والدولي معه.
وشدد بالثابت على أن النضال القانوني يفرض تتبع المعتدين أينما وجدوا، مؤكدًا أن المحامين في تونس وخارجها مطالبون بمواصلة العمل القضائي وعدم التفريط في هذا الملف، إلى حين تحقيق العدالة وكشف جميع المتورطين في عملية الاغتيال.
من جهته، قال ممثل حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية إحسان عطايا إن إحياء ذكرى محمد الزواري هو إحياء لذكرى كل من استشهد دفاعًا عن فلسطين في مختلف أنحاء العالم، مؤكدًا أن تونس ارتبط اسمها بالقضية الفلسطينية منذ عام 1947، وقدمت الشهداء في مختلف المراحل دعمًا للشعب الفلسطيني.
وأضاف عطايا أن بصمة الشهيد محمد الزواري كانت حاضرة في كل المواجهات التي خاضتها المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل، ولا سيما في قطاع غزة، مشددًا على أن الزواري لا يزال حاضرًا في وجدان كل فلسطيني وكل مقاوم.
بدوره، عبّر رئيس هيئة الدفاع عن الشهيد محمد الزواري التونسي عبد الرؤوف العيادي عن استيائه من الوضع الذي آل إليه الملف القضائي، مؤكدًا أن القضية لا تزال شبه مجمدة ولم تشهد تقدمًا يُذكر. وأوضح أن هيئة الدفاع واجهت عراقيل متعددة، مشيرًا إلى أن النيابة العمومية اعتبرت الملف مغلقًا، وقصرت دور المحامين على مجرد الإنابة، وهو ما وصفه بتعطيل واضح لمسار العدالة.
وأشار العيادي إلى أن القضية شملت في مراحلها الأولى عدة موقوفين، إلا أنه تم الإفراج عنهم لاحقًا، مؤكدًا أنه لا يوجد حاليًا أي متهم يمثل أمام القضاء، ما يعزز مخاوف الإفلات من العقاب.
ويُذكر أن الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية التونسية أعادت في 5 ديسمبر 2025 فتح ملف قضية محمد الزواري، والذي شمل 11 متهمًا جميعهم في حالة فرار، قبل أن تقرر تأجيل النظر فيها إلى 23 ديسمبر 2025، للاطلاع على ملف تحقيقي ثان مرتبط بالقضية.
يشار إلى أن المهندس الطيار التونسي محمد الزواري اغتيل أمام منزله في مدينة صفاقس يوم 15 ديسمبر 2016، وكان أحد الكفاءات العلمية المنتمية إلى كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس الفلسطينية، التي أعلنت في بيان رسمي أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي «الموساد» يقف وراء عملية الاغتيال.