دراسات وأبحاث

لا هدنة ولا تسويات إلا بالقوة والسلاح.. استراتيجية إسرائيلية جديدة تشعل المنطقة

الإثنين 15 ديسمبر 2025 - 03:21 م
عمرو أحمد
جيش الاحتلال
جيش الاحتلال

تتجه الأوضاع في الأراضي الفلسطينية والمنطقة المحيطة نحو مزيد من التصعيد، في ظل مؤشرات متزايدة على تبنّي جيش الاحتلال الإسرائيلي استراتيجية أمنية جديدة تقوم على فرض الوقائع بالقوة العسكرية، ورفض أي تهدئة أو تسوية سياسية لا تلبّي الشروط الإسرائيلية كاملة، وعلى رأسها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية.

شروط إسرائيلية للمرحلة الثانية من اتفاق غزة

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الحكومة الإسرائيلية أبلغت الولايات المتحدة أن بدء المرحلة الثانية من اتفاق غزة مرهون بتسليم جثمان آخر محتجز إسرائيلي. وفي المقابل، أكدت واشنطن، وفق الرواية الإسرائيلية، دعمها لتوجّه يقوم على تجريد حركة حماس من سلاحها، مع التشديد على رفض إعادة إعمار قطاع غزة ما لم يتم نزع سلاح الحركة، وهو ما يضع الاتفاق أمام تعقيدات سياسية وأمنية كبيرة.

ويعكس هذا الموقف، بحسب مراقبين، محاولة إسرائيلية للتهرب من استحقاقات المرحلة الثانية من الاتفاق، عبر ربطها بشروط إضافية من شأنها إفراغ الاتفاق من مضمونه وتحويله إلى أداة ضغط سياسي وأمني.

«خطوط أمان» واستعداد دائم للجيش


في السياق ذاته، أعلن رئيس أركان جيش الاحتلال أن الجيش في حالة استعداد دائم، مشيرًا إلى الدفع بما وصفه بـ«خطوط أمان» في لبنان وسوريا وقطاع غزة، بهدف تعزيز الحماية ومنع أي تهديدات محتملة. 

وأكد أنه لن يُسمح بتمركز ما وصفها بـ«المنظمات الوكيلة وجيوش الإرهاب» على حدود إسرائيل، في إشارة إلى نهج يقوم على توسيع نطاق العمل العسكري خارج الحدود وداخل مناطق النزاع.

ويرى محللون أن هذه التصريحات تمثل إعلانًا غير مباشر عن قواعد اشتباك جديدة، تقوم على توسيع العمليات الاستباقية ورفض منطق الاحتواء أو التهدئة طويلة الأمد.

تصعيد ميداني في قطاع غزة
ميدانيًا، شنّ جيش الاحتلال غارات جوية مكثفة على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، بالتزامن مع إطلاق الزوارق الحربية نيرانها من بحر خان يونس. كما قصفت مدفعية الاحتلال مناطق جحر الديك ومخيم البريج وسط القطاع، في حين استهدف الطيران الحربي شرق مدينة غزة بسلسلة غارات عنيفة ومتتالية، ما فاقم من حجم الدمار والخسائر.

حماس: خرق فاضح لاتفاق وقف إطلاق النار


من جانبها، اعتبرت حركة حماس أن اغتيال قائد ركن التصنيع العسكري رائد سعد يمثل خرقًا فاضحًا لاتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن الاحتلال تجاوز كل الخطوط الحمراء وضرب بعرض الحائط الجهود السياسية والمبادرات المطروحة. وشددت الحركة على أن حقها في الرد مكفول، ما ينذر بإمكانية اتساع دائرة المواجهة خلال الفترة المقبلة.

جهود إنسانية وسط أزمة متفاقمة
إنسانيًا، أفاد مراسل القاهرة الإخبارية من معبر رفح البري بتحرك شاحنات القافلة رقم 94 ضمن سلسلة قوافل «زاد العزة» من مصر إلى قطاع غزة، محمّلة بآلاف الأطنان من المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية، إلى جانب مواد إيوائية وملابس شتوية وبطاطين، في محاولة للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية، خاصة بعد الأضرار التي خلّفتها الأمطار والمنخفضات الجوية الأخيرة.

وتأتي هذه القوافل في وقت يواجه فيه سكان القطاع أوضاعًا إنسانية شديدة القسوة، مع استمرار القيود المفروضة على إدخال المساعدات، وتدمير واسع للبنية التحتية والمنازل.

الضفة الغربية.. اقتحامات وإصابات
في الضفة الغربية، أُصيب طفل فلسطيني برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحام مخيم الجلزون شمال رام الله. كما نفذت القوات الإسرائيلية اقتحامات متزامنة شملت نابلس وجنين وطولكرم وطوباس والبيرة، إلى جانب مداهمات في أريحا والخليل، رافقها اعتقالات وتفتيش منازل، في تصعيد أمني متواصل.

مشهد مفتوح على التصعيد
في ضوء هذه التطورات، يبدو المشهد مفتوحًا على مزيد من التصعيد الإقليمي، في ظل استراتيجية إسرائيلية تقوم على فرض الوقائع بالقوة، وربط التهدئة وإعادة الإعمار بشروط أمنية معقدة، وسط تحذيرات من أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى اتساع رقعة الصراع، ليس في غزة فحسب، بل في لبنان وسوريا والضفة الغربية أيضًا، ما يضع المنطقة بأكملها أمام مرحلة جديدة من عدم الاستقرار.