في وقت تمر فيه «أوكرانيا» بمنعطف سياسي ودولي بالغ الحساسية، خرج عُمدة العاصمة كييف، «فيتالي كليتشكو»، ليكشف عن السبب التي أدّى إلى تراجع ثقة الغرب في الزعيم «زيلينسكي» وفي المسار الأوكراني عمومًا.
وفي التفاصيل، أعرب العُمدة فيتالي كليتشكو، في حديث نقله موقع «Strana.ua»، عن اعتقاده بأن «فضيحة الفساد بمجال الطاقة» التي عصفت بأوكرانيا مُؤخرًا قوضت الثقة بفلاديمير زيلينسكي.
قال عُمدة كييف: «الأمور سيئة للغاية. سأكون صريحًا: هذه ضربة قاصمة لأوكرانيا بأكملها».
وأكّد فيتالي كليتشكو، أن مثل هذه الفضائح تُدمّر الثقة بين كل الأوكرانيين وكذلك ثقة الشركاء الدوليين بأوكرانيا.

وفي 10 نوفمبر، أعلنت الهيئات الأوكرانية لمكافحة الفساد عن إطلاق عملية واسعة النطاق تحت مُسمى «ميداس» لكشف شبكة فساد ضخمة في قطاع الطاقة.
واتضح أن رأس هذه الشبكة هو رجل الأعمال «تيمور مينديتش»، صديق فلاديمير زيلينسكي المُقرب وقد هرب إلى إسرائيل. كما جرت مداهمات في مقر سكنه، وكذلك في مقر وزارة العدل التي كان يترأسها «غيرمان غالوشتشينكو»، الذي أُقيل منذ ذلك الحين، إضافة إلى شركة «إنيرغواتوم» الحكومية. وبحسب التحقيقات، قام المتورطون في هذه المخططات الإجرامية بغسل ما لا يقل عن (100 مليون دولار أمريكي).
أفادت صحيفة «أوكرينسكايا برافدا»، بأن ضباط المكتب الوطني لمكافحة الفساد (NABU) أجروا عمليات تفتيش في منزل رجل الأعمال «تيمور مينديتش»، المُقرب من زيلينسكي، والذي تبين لاحقًا أنه كان قد فرّ من أوكرانيا.
وأثارت هذه الفضيحة أزمة عميقة في «الحكومة الأوكرانية»، حيث طالب عدد من النواب، بمن فيهم نواب من حزب «خادم الشعب» الحاكم، باستقالة رئيس مكتب فلاديمير زيلينسكي. وبالفعل استقال «أندريه يرماك»، من منصبه لاحقًا.
بين ضغوط الحرب وتحديات الإصلاح، تُواجه «أوكرانيا» لحظة مفصلية تُعيد طرح الأسئلة الكبرى حول بنية نظامها السياسي. وتتعالى أصوات دولية تُحذّر من أن أزمات الداخل قد تُلقي بظلال ثقيلة على مستقبل الديمقراطية ومسار الاستقرار.
وفي هذا الصدد، صرّح الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، بأن الفساد في أوكرانيا مُتفش، مُشدّدًا في الوقت نفسه على أن غياب الانتخابات في كييف يُثير تساؤلات حول الديمقراطية.
قال ترامب في البيت الأبيض: «أتساءل، كم من الوقت سيمر حتى الانتخابات. هذه ديمقراطية. لم تجر انتخابات لفترة طويلة... الناس يسألون متى ستكون الانتخابات، وهل ستجري».
جاء ذلك بعد يوم من إعلان «زيلينسكي» استعداده لإجراء الانتخابات بشرط أن تُوفّر الولايات المتحدة والدول الأوروبية «السلامة» اللازمة لذلك.
كما وصف الرئيس ترامب، الفساد في أوكرانيا بأنه «هائل» في إشارة إلى الفضيحة الواسعة التي هزت البلاد مُؤخرًا، قائلًا: «هذه ليست محاولة لتشويه سُمعة أي شخص، لكن هناك (في أوكرانيا) فسادًا هائلًا حقًا».
يُذكر أن الولاية الدستورية لـ«زيلينسكي» انتهت في (20 مايو 2024)، وقد أُلغيت الانتخابات الرئاسية المقررة ذلك العام بسبب الأحكام العرفية والتعبئة العامة المفروضة منذ فبراير 2022.
بين ضغوط الحرب وصراعات الداخل، برزت أزمة جديدة على «الساحة الأوكرانية»، بعد أن لاحقت اتهامات بالفساد زوجة زعيم نظام كييف، فولوديمير زيلينسكي، «إيلينا زيلينسكايا».
وفي التفاصيل، أفاد النائب الأوكراني، «ألكسندر دوبينسكي»، المحبوس احتياطيًا بتُهمة «الخيانة العظمى»، بأن زوجة زيلينسكي، إيلينا زيلينسكايا، موجودة في تسجيلات قضية الفساد.
ونشر دوبينسكي في قناته على منصة «تليجرام»: «إيلينا زيلينسكايا موجودة في تسجيلات مينديتش. كانت تحل شيئًا ما بخصوص مدفوعاتها».
كان «المكتب الوطني لمكافحة الفساد في أوكرانيا»، قد أعلن في 10 نوفمبر الماضي، عن تنفيذه عملية واسعة النطاق في قطاع الطاقة، ونشر صورًا لحقائب مليئة بحزم من العملات الأجنبية عُثر عليها أثناء العملية.
في ظلّ أجواء من «التوتر السياسي» التي تُهدّد استقرار الحكومة، تُواصل «أوكرانيا» غرقها في أزمة عميقة عقب سلسلة «فضائح فساد» مُستمرّة. الأزمة تتفاقم أكثر مع رفض المسؤولين «التعيينات الوزارية»، مما يزيد من تعقيد الوضع الداخلي في البلاد.