دراسات وأبحاث

من التجميد إلى التمويل: كيف ستستخدم أوروبا أموال روسيا لدعم كييف؟

السبت 13 ديسمبر 2025 - 06:43 ص
كتب- كريم الزعفراني
الأمصار

في خطوة تصعيدية جديدة تجاه موسكو، قرر الاتحاد الأوروبي تجميد أصول البنك المركزي الروسي المودعة في أوروبا إلى أجل غير محدد، في محاولة لتعزيز موقفه تجاه الحرب المستمرة في أوكرانيا.

 

القرار لا يقتصر على كونه إجراءً اقتصاديًا فحسب، بل يشكل تحركًا سياسيًا استراتيجيًا يفتح الباب أمام استخدام هذه الأموال لدعم كييف، ويعيد رسم موازين القوة المالية بين التكتل الأوروبي وروسيا، وسط مشهد دولي متوتر تتصاعد فيه المخاطر القانونية والدبلوماسية.

 

 

ويأتي القرار في إطار مساعي الاتحاد الأوروبي لضمان استمرارية تمويل كييف، في ظل اعتباره العملية العسكرية الروسية تهديدًا مباشرًا لأمنه واستقراره. وكانت دول الاتحاد قد جمّدت أصولًا سيادية روسية بقيمة تقدر بنحو 210 مليارات يورو منذ عام 2022، لكنها كانت تخضع سابقًا لآلية تمديد نصف سنوية، ما أتاح لبعض الدول الاعتراض على استمرار التجميد.

 

وبموجب الصيغة الجديدة، لن يكون هناك تصويت دوري على تمديد التجميد، الأمر الذي يقلص قدرة دول مثل المجر وسلوفاكيا، المعروفتين بعلاقاتهما الأقرب مع موسكو، على استخدام حق الفيتو مستقبلاً، وهو ما كان قد يفرض على الاتحاد إعادة الأموال إلى روسيا في حال فشل التوافق السياسي.

 

ويرتبط هذا القرار ارتباطًا وثيقًا بخطة أوروبية أوسع لاستخدام الأصول الروسية المجمدة في تقديم قرض ضخم لأوكرانيا تصل قيمته إلى 165 مليار يورو، لتغطية احتياجات ميزانيتها العسكرية والمدنية خلال عامي 2026 و2027. ووفق الخطة، لن تسدد كييف هذا القرض إلا في حال حصولها على تعويضات حرب من روسيا، ما يجعله عمليًا منحة مسبقة قائمة على أموال التعويضات المستقبلية.

 

ومن المقرر أن يناقش المجلس الأوروبي في 18 ديسمبر التفاصيل النهائية للقرض، إلى جانب معالجة مخاوف قانونية ومالية، أبرزها مطالبة بلجيكا بضمانات جماعية من دول الاتحاد، نظرًا لاحتضانها شركة “يوروكلير” التي تحتفظ بالجزء الأكبر من الأصول الروسية المجمدة.

 

وفي هذا السياق، أعلنت ألمانيا دعمها الكامل لخطة القرض، مؤكدة استعدادها لتقديم ضمانات تصل إلى 50 مليار يورو، بالتزامن مع زيارة مرتقبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى برلين لإجراء محادثات رفيعة المستوى.

ورغم الإجماع النسبي داخل الاتحاد، واجه القرار انتقادات حادة من رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي حذر من “ضرر لا يمكن إصلاحه” قد يلحق بالاتحاد الأوروبي، متعهدًا بالسعي لإعادة المسألة إلى “نصابها القانوني”. 

 

في المقابل، اعتبر البنك المركزي الروسي أن استخدام أصوله غير قانوني، معلنًا عزمه اللجوء إلى القضاء، بما في ذلك مقاضاة شركة “يوروكلير”، دفاعًا عن مصالحه المالية.

 

ويعكس هذا التطور تصعيدًا جديدًا في المواجهة الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، ويؤكد في الوقت ذاته تصميم بروكسل على تسخير كل الأدوات المتاحة لدعم أوكرانيا في حربها المستمرة.