في خطوة مُرتقبة تُنذر بتحوّل لافت في مسار «الأزمة الأوكرانية»، يستعد زعيم نظام كييف، «فولوديمير زيلينسكي»، لطرح خطة سلام جديدة على طاولة «واشنطن»، وسط ترقّب دولي لما قد تحمله من تغييرات في موازين الصراع.
وفي التفاصيل، أعلن «زيلينسكي»، أن كييف ستعرض على الولايات المتحدة، اليوم الثلاثاء، «خطة سلام مُنقحة» تهدف إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، وذلك بعد محادثات أجراها في لندن مع قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
مع اقتراب الحرب من عامها الرابع، تُريد «كييف» تحقيق التوازن مع مسودة مدعومة من الولايات المتحدة اعتُبرت على نطاق واسع مواتية لموسكو. وتتعرض أوكرانيا لضغوط من البيت الأبيض للموافقة سريعًا على تسوية سلمية.
وكان الهدف من الاجتماع الذي رُتب على عجل، أمس الإثنين، بين رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، وزيلينسكي، هو «تعزيز موقف أوكرانيا».
قال «زيلينسكي»، للصحفيين، بعد الاجتماع إن «الخطة المنقحة» تضمنت (20 نقطة)، ولكن لم يتسن التوصل إلى اتفاق بشأن مسألة التخلي عن أراضٍ، وهو ما تضغط «موسكو» من أجله. ولا يُوجد اتفاق بشأن التنازل عن الأراضي الأوكرانية لروسيا.
وأضاف زيلينسكي: «موقف الأمريكيين، من حيث المبدأ، يميل إلى إيجاد حل وسط. بالطبع، هناك قضايا مُعقّدة تتعلق بالأراضي، ولم يتسن التوصل إلى حل وسط حتى الآن».
كرر زعيم نظام كييف، موقفه الذي أعلنه مرارًا بأن «أوكرانيا لا يُمكن أن تتخلى عن أي جزء من أراضيها».
وتوجّه «زيلينسكي» في وقت لاحق إلى بروكسل، حيث قال كل من رئيسة المفوضية الأوروبية، «أورسولا فون دير لاين»، ورئيس المجلس الأوروبي، «أنطونيو كوستا»، في منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، إن أي اتفاق سلام يجب أن «يحترم سيادة أوكرانيا ويضمن أمنها على المدى الطويل».
ووصف «زيلينسكي»، اجتماعه مع فون دير لاين وكوستا، بالإضافة إلى الأمين العام لحلف حلف شمال الأطلسي «مارك روته»، بأنه «جيد ومُثمر. نحن نعمل بطريقة مُنسقة وبناءة».
وبين ترقب دولي وآمال حذرة، تبقى خطة «زيلينسكي» المُنتظرة اختبارًا جديدًا لمدى جِدية الأطراف المعنية في فتح نافذة حقيقية نحو إنهاء الصراع.
لم تعد المعركة تُدار فقط في ساحات القتال، بل انتقلت إلى الغرف المغلقة والهواتف الساخنة، حيث تُمارس «الولايات المتحدة» ضغوطًا مُتصاعدة على زعيم نظام كييف، «فولوديمير زيلينسكي»، لدفعه نحو تسوية تتضمن «تنازلات إقليمية» قد تُعيد رسم خريطة الصراع.
وفي التفاصيل، أفادت تقارير صحفية، بأن الولايات المتحدة تضغط على «زيلينسكي» لقبول شروط تسوية سلمية مع «روسيا» تتضمن تنازلات إقليمية، في مسعى أمريكي متسارع لإنهاء الصراع.
نقلت وكالة «أكسيوس» الأمريكية عن مصادر أوكرانية أن المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترامب ستيف ويتكوف وصهره جاريد كوشنر حاولا خلال مكالمة هاتفية مع زيلينسكي استمرت (ساعتين) يوم 6 ديسمبر الحصول على «موافقة واضحة» منه على مقترح التسوية.
وبحسب مسؤول أوكراني، حاول الجانب الأمريكي إقناع زيلينسكي خلال المكالمة بالتنازل عن إقليم «دونباس» لصالح روسيا. ونقلت الصحيفة عن المصدر قوله: «بدا.. أن الأمريكيين أرادوا من زيلينسكي أن يقبل بكل هذا أثناء المكالمة الهاتفية».
تأتي هذه التصريحات في خضم مفاوضات مُكثفة ومُتعددة المسارات حول «التسوية الأوكرانية»، شملت محادثات مباشرة بين مبعوثي ترامب (ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر) والرئيس الروسي، «فلاديمير بوتين»، في موسكو، بالإضافة إلى مفاوضات مُطوّلة بين الفريق الأمريكي ونظيره الأوكراني (رستم عميروف وأندريه غاناتوف) في ميامي.
وسط أجواء سياسية مشحونة وتصاعد الضغوط الدولية، فجّر الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، موجة جديدة من الجدل بعدما أعرب علنًا عن «خيبة أمله» من موقف زعيم نظام كييف، «فولوديمير زيلينسكي» تجاه «مقترح السلام».
وفي التفاصيل، قال «ترامب»، خلال حفل في مركز جون كنيدي للفنون الأدائية في واشنطن: «أشعر بخيبة أمل بعض الشيء لأن الرئيس زيلينسكي لم يقرأ الاقتراح بعد».
لفت الرئيس ترامب إلى أنه يعتقد بأن روسيا والشعب الأوكراني يدعمان شروط المقترح، قائلًا: «روسيا، على ما أعتقد، لا تُعارض. لكنني لست مُتأكدًا من موافقة زيلينسكي عليها (الخطة). شعبه يدعمها، لكنه هو نفسه لم يقرأ الاقتراح بعد، لذا سيُوضح لي في يوم من الأيام سبب ذلك».
وتابع دونالد ترامب، في حديث مع الصحفيين: «كما تعلمون، أنهيت ثماني حروب. نحن نُحاول إنهاء الحرب التاسعة».
على جانب آخر، بين دهاليز الدبلوماسية ومفترقات المصالح، أقرّ زعيم نظام كييف، «فولوديمير زيلينسكي»، بصعوبة المباحثات الأخيرة مع المبعوثين الأمريكيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، واصفًا إياها بأنها كانت «بناءة» لكنها «لم تكن سهلة»، في لحظة كشفت حجم التوتر خلف الكواليس.
وكتب زيلينسكي في قناته على «تليجرام»: «نبدأ الآن أسبوعًا دبلوماسيًا جديدًا - ستكون هناك مشاورات مع القادة الأوروبيين. أولًا سنتناول القضايا الأمنية، الدعم لصمودنا، حزم الدعم لحمايتنا. وقبل كل شيء، الدفاع الجوي، التمويل طويل الأمد لأوكرانيا. بالطبع، سنتحدث أيضًا عن الرؤية المشتركة، والمواقف المشتركة في المفاوضات».
قال زعيم نظام كييف: إن ممثلي أوكرانيا أجروا «محادثات ملموسة» مع ممثلي الرئيس الأمريكي في الأيام الماضية، وإن أمين مجلس الأمن القومي والدفاع رستم عميروف ورئيس هيئة الأركان العامة أندريه غاناتوف الآن في طريقهما إلى أوروبا لتقديم إحاطة مفصلة، مُضيفًا: «أتوقع منهم معلومات مفصلة عن كل شيء، كل ما قيل للممثلين الأمريكيين في موسكو، عن الفروق الدقيقة التي يرغب الأمريكيون في تعديلها في مفاوضاتهم معنا، مع 'الروس'».
وأشار زيلينسكي إلى أنه تحدث أمس مع ويتكوف وكوشنر قائلًا: «أشكرهم على استعدادهم للعمل معًا 24/7. يعرف الممثلون الأمريكيون المواقف الأساسية الأوكرانية، كانت المحادثة بناءة وإن لم تكن سهلة. نُواصل العمل»، مُوضحًا أن بعض الأمور «يُمكن مناقشتها شخصيًا فقط»، حيث سيطلعانه على التفاصيل الكاملة.
اختتم زيلينسكي بالإعلان عن اجتماعات مُخططة في لندن وبروكسل مع القادة الأوروبيين، استمرارًا للتنسيق الأوروبي الأوكراني المُكثف خلال هذه المرحلة من المفاوضات.
من ناحية أخرى، في تصريحات صادمة أعادت خلط أوراق الأزمة، أكّد الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، أن لقائه الأخير مع زعيم نظام كييف، «فولوديمير زيلينسكي»، أظهر بوضوح مدى «تدهور فرص كييف في الوصول إلى تسوية سياسية»، كاشفًا عن واقع أكثر تعقيدًا مما كان مُتوقعًا.
وفي التفاصيل، أعلن دونالد ترامب، اليوم الأربعاء، أن الظروف المواتية لتسوية الصراع في أوكرانيا قد تدهورت بشكل كبير بالنسبة لفلاديمير زيلينسكي وذلك منذ اللقاء الذي جمعهما سابقًا في البيت الأبيض.
قال ترامب: «عندما كنت في هذا المكتب (البيضاوي)، تحدثت عن عدم وجود أوراق رابحة. قلت (لزيلينسكي) إنه ليس لديك أوراق. كان يجب التفاوض آنذاك. كان ذلك الوقت أفضل بكثير للتسوية، لكنهم بحكمتهم قرروا عدم القيام بذلك. الآن العديد من الأشياء ضده».
وأضاف الرئيس الأمريكي، أن زيلينسكي تعنت في قراره، خلافًا لنصيحته هو شخصيًا، ورأى ألا يسلك طريق التفاوض.
يُذكر أن «ترامب» كان قد صرّح في شهر فبراير الماضي بأن زيلينسكي لا يملك «أوراقا في جعبته» تُمكّنه من إجراء مفاوضات ناجحة مع روسيا.
من جهة أخرى، وسط أجواء مُتقلّبة وحقول دبلوماسية مُشتعلة، يعود زعيم نظام كييف، «فلاديمير زيلينسكي»، إلى طاولة السعي من جديد، طالبًا من «أمريكا» عقد اجتماع عاجل مع الرئيس «دونالد ترامب» لمناقشة «خطة السلام»، في محاولة قد تُغيّر مسار الصراع، وربما تُنقذ ما تبقى من أمل في هُدنة كانت تبدو بعيدة.