المغرب العربي

الجزائر والوكالة الذرية تعززان التعاون في الطاقة النووية السلمية

الإثنين 08 ديسمبر 2025 - 08:39 م
هايدي سيد
الأمصار

بحثت الجزائر والوكالة الدولية للطاقة الذرية، الاثنين، سبل تعزيز التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للعلوم والتكنولوجيا النووية، في خطوة تهدف إلى تطوير القدرات العلمية والتقنية للجزائر في مجال الطاقة النووية المدنية، وتوسيع نطاق التطبيقات السلمية لهذه التكنولوجيا في مختلف القطاعات الحيوية.

وجرت المباحثات عبر تقنية التحاضر المرئي بين وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رفائيل ماريانو غروسي، بحسب بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية الجزائرية. وأوضح البيان أن الاجتماع تناول تنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال زيارة غروسي الرسمية إلى الجزائر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي أظهرت الاهتمام الجزائري المتزايد بتعزيز التعاون مع الوكالة في المجال النووي المدني.

وفي ختام الاجتماع، وقع الطرفان على بيان مشترك يهدف إلى تعزيز التعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، بما يشمل توليد الكهرباء، الصحة، تحلية مياه البحر، والزراعة.

 ويأتي هذا البيان كخطوة عملية لمتابعة الاتفاقيات السابقة، وتعزيز الدعم التقني الذي توفره الوكالة للجزائر، بما يضمن الاستفادة الأمثل من الإمكانات المحلية وتطوير القدرات الوطنية في هذا المجال.

وأكد البيان أن الهدف الأساسي من التعاون هو توسيع نطاق المساعدة التقنية للجزائر، بما يشمل إجراء دراسات معمقة حول أفضل السبل لتطبيق التكنولوجيا النووية في الاستخدامات السلمية، مع التركيز على استدامة الطاقة وتحسين مستوى الخدمات الصحية والزراعية، وكذلك دعم مشاريع تحلية المياه في المناطق التي تعاني شحاً مائياً. ويعد هذا التعاون جزءاً من الاستراتيجية الوطنية الجزائرية لتطوير مصادر الطاقة البديلة والصديقة للبيئة، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

من جانبه، أعرب رفائيل غروسي في مقابلة مع قناة الجزائر الدولية الرسمية عن تقدير الوكالة للقدرات الجزائرية في مجال العلوم والتكنولوجيا النووية، مشيراً إلى أن الجزائر تمتلك قدرات متقدمة جدًا يمكن استثمارها لتصبح مركزًا إقليمياً للتعاون النووي المدني في إفريقيا. وأضاف أن الوكالة ترى في الجزائر شريكاً رئيسياً يمكنه لعب دور محوري في نقل الخبرات والتكنولوجيا إلى الدول الإفريقية الأخرى، مما يسهم في تعزيز التنمية المستدامة في القارة.

زيارة غروسي إلى الجزائر في أكتوبر الماضي كانت تاريخية، حيث أعلن خلالها اختيار الجزائر كمركز إقليمي للتعاون في مجال الطاقة النووية المدنية. 

وأكد في تلك الزيارة أن القدرات العلمية والتقنية للجزائر تؤهلها لتكون محوراً للتنسيق مع الدول الإفريقية، في مجالات تشمل البحث العلمي، التدريب، وتطوير التطبيقات السلمية للطاقة النووية، بما يعزز من مكانة الجزائر على الساحة الإقليمية والدولية.

وأضاف غروسي أن تعزيز التعاون بين الجزائر والوكالة الدولية للطاقة الذرية يتماشى مع استراتيجية الوكالة لتعزيز استخدام التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية، وفتح آفاق جديدة للدول الراغبة في الاستفادة من خبرات الوكالة في الطاقة المتجددة، الصحة العامة، والزراعة الذكية. وأشار إلى أن الجزائر لديها بنية تحتية قوية ومراكز بحثية متقدمة يمكنها أن تكون نموذجاً في القارة الإفريقية لتطبيقات الطاقة النووية المدنية.

من جهته، أشار وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف إلى أن الاجتماعات مع الوكالة تأتي ضمن مساعي الجزائر لتعزيز أمن الطاقة وتحقيق التنمية المستدامة، لافتاً إلى أن التعاون النووي السلمي سيساعد الجزائر على تحسين إنتاج الكهرباء، وتعزيز الخدمات الصحية من خلال استخدام النظائر المشعة في التشخيص والعلاج، وتطوير مشاريع تحلية المياه لتلبية احتياجات السكان في المناطق القاحلة، إضافة إلى تحسين الإنتاج الزراعي باستخدام التقنيات النووية الحديثة.

وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه إفريقيا اهتماماً متزايداً بالاستفادة من الطاقة النووية المدنية، ليس فقط لتوليد الكهرباء، بل أيضاً لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتعتبر الجزائر في هذا الإطار نموذجاً رائداً يمكن من خلاله نقل الخبرات والتقنيات إلى دول أخرى، ما يعزز التعاون الإقليمي ويخلق فرصاً جديدة للتنمية المستدامة.

وأكد البيان المشترك أن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية يشمل تدريب الكوادر المحلية وتبادل الخبرات الفنية، بهدف تمكين الجزائر من الاستفادة القصوى من التكنولوجيا النووية السلمية. 

ويشمل ذلك تنظيم ورش عمل متخصصة، برامج تعليمية مشتركة، وإجراء أبحاث تطبيقية حول استخدامات الطاقة النووية في مختلف القطاعات.

كما شدد الطرفان على أهمية تعزيز الشفافية والأمان النووي، بما يضمن التزام الجزائر بالمعايير الدولية في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وحماية البيئة، وضمان سلامة المواطنين. ويعد هذا الالتزام جزءاً من الجهود الدولية الرامية إلى منع انتشار الأسلحة النووية، وتحقيق الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا النووية على المستوى العالمي.

من ناحية أخرى، أشار خبراء جزائريون إلى أن هذه المبادرة تعزز من مكانة الجزائر الدبلوماسية والعلمية على الساحة الإفريقية والدولية، إذ يمكن للبلاد أن تصبح مركزاً إقليمياً لتدريب الخبراء وتقديم الاستشارات الفنية، ما يفتح الباب أمام تعاون متعدد الأطراف مع الدول الإفريقية الأخرى التي تسعى لتطوير قدراتها في مجال الطاقة النووية المدنية.

وفي ختام الاجتماع، أكدت وزارة الخارجية الجزائرية أن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليس مجرد اتفاق بروتوكولي، بل يمثل خطوة استراتيجية تهدف إلى دفع عجلة التنمية المستدامة، وتطوير البنية التحتية للطاقة، وتعزيز التطبيقات العلمية في المجالات الحيوية.

 وأضاف البيان أن الجزائر ستواصل العمل مع الوكالة لتطبيق أفضل الممارسات العلمية والتقنية، وضمان تحقيق النتائج المرجوة في مختلف القطاعات.

تجدر الإشارة إلى أن المباحثات بين الجزائر والوكالة الدولية للطاقة الذرية تأتي في إطار متابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال الزيارة السابقة لغروسي إلى الجزائر في أكتوبر الماضي، والتي أظهرت تطابقاً في الرؤى بين الجانبين بشأن تعزيز التعاون النووي السلمي، وتأكيد دور الجزائر كمركز محوري في إفريقيا لهذا المجال.

وفي سياق متصل، يشير المراقبون إلى أن الجزائر تسعى إلى التميز في مجال الطاقة النووية المدنية، ليس فقط من خلال التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بل أيضاً عبر تطوير مشاريع وطنية متقدمة، تشمل إنشاء مفاعلات بحثية، استخدام النظائر في الزراعة والصحة، وتحلية المياه، مما يعزز من استقلالية البلاد في مجال الطاقة وتطبيقاتها السلمية.

ختاماً، يعكس هذا التعاون بين الجزائر والوكالة الدولية للطاقة الذرية التزام الجزائر بالاستفادة من التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية، وحرصها على أن تكون نموذجاً إقليمياً في إفريقيا لتطبيقات الطاقة النووية المدنية، مع الالتزام بأعلى المعايير الدولية للسلامة والأمان، ودعم التنمية المستدامة في مختلف القطاعات الحيوية.