شهدت العاصمة تونس، اليوم السبت 6 ديسمبر 2025، مسيرة احتجاجية جديدة نظمها متظاهرون مطالبين بالإفراج عن المعتقلين السياسيين ورفع القيود عن الحريات الأساسية في البلاد.
وتأتي هذه المظاهرة الثالثة خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، في ظل تصاعد الضغط على السلطات بعد سلسلة من الإيقافات وأحكام قضائية مشددة صدرت بحق عدد من المعارضين السياسيين، في ما يعرف بـ "قضية التآمر على أمن الدولة".
وتجمع المتظاهرون، الذين ضموا أيضًا عائلات المعتقلين، في ساحة منطقة "باب الخضراء" بوسط العاصمة، حاملين صور السياسيين الموقوفين في السجون، ورددوا شعارات من بينها: "لا خوف لا رعب الشارع ملك الشعب"، و"حريات حريات دولة البوليس وفات"، و"الشعب يريد إسقاط النظام".
وفي تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، قال يوسف الشواشي، شقيق السياسي المعارض والوزير السابق غازي الشواشي الموقوف في القضية نفسها: "لم تعد لنا ثقة في القضاء ولا مؤسسات الدولة.. لم يبق لنا غير الشارع للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين".

وكانت محكمة الاستئناف التونسية قد أيدت قبل أيام أغلب الأحكام الصادرة ضد العشرات من السياسيين ورجال الأعمال والنشطاء الموقوفين منذ فبراير 2023، حيث تراوحت العقوبات بين سنوات طويلة قد تصل في أقصاها إلى 45 عامًا، في جلسات محاكمة أثارت انتقادات واسعة من قبل المعارضة ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية.
كما أعقب تلك الأحكام إيقافات طالت عددًا من الشخصيات البارزة، بينهم زعيم "جبهة الخلاص الوطني" أحمد نجيب الشابي (82 عامًا)، والمحامي العياشي الهمامي، والناشطة السياسية شيماء عيسى، في إطار تنفيذ العقوبات السجنية المقررة بحقهم.
وفي هذا السياق، تتهم السلطات التونسية المعتقلين بمحاولة قلب نظام الحكم وتفكيك مؤسسات الدولة، فيما تصف المعارضة الإجراءات بأنها تلفيق تهم سياسية ومحاولة لإخضاع القضاء لسلطة النظام الحالي.
وعلق الناشط في المجتمع المدني مسعود الرمضاني على المسيرة قائلاً: "التحركات السلمية هي السبيل الوحيد لفرض إرادة الناس.. الوضع تعيس ووصل إلى مرحلة خطيرة على مستوى الحريات وحتى على مستوى الحياة الاقتصادية والاجتماعية". وأضاف: "على الشعب أن يتحرك للمطالبة بحقوقه التي أتت بها الثورة، بما في ذلك الحق في مجتمع مدني نشط وحياة سياسية متكاملة، بينما يسعى برنامج السلطة الحالية إلى القضاء على هذه المكتسبات والعودة إلى ما قبل الثورة".
وتعكس هذه المسيرة تزايد الاحتقان السياسي في تونس، حيث تواجه البلاد تحديات كبيرة على صعيد حقوق الإنسان والحريات العامة، مع استمرار الجدل حول استقلالية القضاء ودور مؤسسات الدولة في حماية الحريات الأساسية للمواطنين.