دراسات وأبحاث

من منفاهما في روسيا..رجلان من الحلقة الضيقة للأسد يخططان لانتفاضتين في سوريا

الجمعة 05 ديسمبر 2025 - 08:50 م
ابراهيم ياسر
الأمصار

نشرت وكالة رويترز تحقيقًا موسعًا يكشف عن تحركات سرية يقودها اثنان من أبرز المقربين السابقين لبشار الأسد، بعد فراره إلى روسيا، بهدف إشعال انتفاضتين مسلحتين في الساحل السوري ولبنان لاستعادة نفوذهما السياسي والعسكري.

صورة ضخمة لبشار الأسد على الأرض بعد هروبه ملقاة على أرضية القصر الرئاسي في دمشق 8 ديسمبر العام الماضي (أ.ب)

نفوذ مفقود ومحاولات لاستعادته

وفق التحقيق، فإن الأسد الذي يعيش في موسكو منذ ديسمبر 2024 بدا مستسلمًا لحياة المنفى، بينما لم تتقبل شخصيات بارزة من عائلته ومستشاريه فكرة سقوط النظام، وعلى رأسهم شقيقه ماهر الأسد.

وتوصلت رويترز إلى أن اللواء كمال حسن، رئيس المخابرات العسكرية سابقًا، ورامي مخلوف، ابن خال الأسد والملياردير المعروف، يقومان بتمويل وتسليح أكثر من 50 ألف مقاتل محتمل، محاولين تشكيل ميليشيات تعتمد على أبناء الطائفة العلوية.

سباق للسيطرة على غرف قيادة سرية

يسعى حسن ومخلوف إلى الاستحواذ على شبكة من 14 غرفة قيادة تحت الأرض، بُنيت قرب الساحل السوري في أواخر عهد الأسد، إضافةً إلى مخابئ أسلحة استراتيجية. 

وأكد ضابطان ومحافظ سوري وجود هذه الغرف، التي اطلعت رويترز على صورها.

كما كشفت مصادر أن ماهر الأسد، المقيم هو الآخر في موسكو، لا يزال يملك ولاء آلاف العسكريين السابقين، لكنه لم يشارك بعد في تمويل أو توجيه هذه التحركات.

مكالمات غاضبة ورسائل دينية

اللواء كمال حسن، بحسب التحقيق، لا يتوقف عن إجراء اتصالات مع قادة ومستشارين سابقين، معبرًا عن غضبه لفقدان نفوذه ومعلناً رؤيته لطريقة حكم الساحل السوري.

أما رامي مخلوف، الذي كان أحد أعمدة تمويل النظام خلال الحرب، فيروج عبر رسائل لأتباعه أنه "المخلّص" القادر على قيادة "المعركة الكبرى"، مستندًا إلى خطاب ديني ونبوءات تتعلق بنهاية الزمان.

محاولات الحكومة السورية الجديدة لاحتواء الخطر

لم تلتزم دمشق الصمت، إذ استعانت الحكومة الجديدة بشخصية كانت قريبة جدًا من الأسد سابقًا، وهو خالد الأحمد، صديق طفولة الرئيس الجديد أحمد الشرع.

 وتتمثل مهمته في إقناع أبناء الطائفة العلوية بأن مستقبلهم مرتبط بسوريا الجديدة وليس بمشاريع الميليشيات.

وأكد محافظ طرطوس أحمد الشامي أن السلطات على دراية بهذه التحركات، مضيفًا أن شبكة غرف القيادة "ضعفت بشكل كبير" وأن منظمي هذه الخطط لا يملكون أدوات فعالة لتنفيذ مخطط واسع.

مقاتل من المعارضة يحمل صاروخاً مضاداً للطائرات أمام صورة مزقها الرصاص للرئيس السابق بشار الأسد (أرشيفية - أ.ف.ب)

مخطط يهدد الاستقرار الهش

يحذّر خبراء من أن أي انتفاضة جديدة في الساحل أو لبنان قد تعيد سوريا إلى مربع الفوضى، وتفتح الباب أمام موجة جديدة من العنف الطائفي.

وتشير الباحثة أنصار شحود إلى أن ما يجري يمثل "استمرارًا لصراع السلطة الذي كان قائمًا داخل نظام الأسد"، مؤكدة أن التنافس في المرحلة الجديدة لم يعد لمحاباة بشار الأسد، بل لخلق بديل يقود المجتمع العلوي.

دعم دولي للشرع ومخاوف من تصعيد داخلي

تزامن هذه التحركات مع دعم أميركي وإقليمي للرئيس الجديد أحمد الشرع، الذي أطاح بالأسد أواخر 2024، يجعل أي اضطراب جديد تهديدًا مباشرًا لمشروع إعادة بناء الدولة.

وفي ظل التوترات الطائفية التي شهدتها سوريا الجديدة خلال العام الماضي، يخشى كثيرون أن يؤدي تحرك حسن ومخلوف إلى إعادة البلاد إلى دوامة الصراع.