المغرب العربي

بمشاركة واسعة… الأمم المتحدة تُعلن بدء «الحوار المهيكل» في ليبيا

الجمعة 05 ديسمبر 2025 - 02:36 ص
مصطفى عبد الكريم
الأمم المتحدة و ليبيا
الأمم المتحدة و ليبيا

على وقع الانسداد السياسي الذي يُخيّم على «المشهد الليبي» منذ سنوات، أعلنت «بعثة الأمم المتحدة للدعم» فتح صفحة جديدة من النقاشات عبر «الحوار المهيكل»، بمشاركة واسعة تهدف لاستحضار أصوات الليبيين وإعادة بناء جسور الثقة المفقودة.

دعوات أولية للحوار المهيكل

وفي التفاصيل، بدأت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا هذا الأسبوع توجيه الدعوات إلى الأعضاء المُحتملين في «الحوار المهيكل»، ضمن جهودها لتعزيز الشمولية في العملية السياسية الليبية.

وتُرحّب البعثة بمشاركة المؤسسات التي استجابت لطلبها بترشيح ممثليها، مُعبّرة عن امتنانها للاهتمام الكبير الذي أبداه أكثر من ألف ليبية وليبي للانضمام إلى عضوية الحوار.

وقالت البعثة إنها طلبت ترشيحات من البلديات، والأحزاب السياسية، والجامعات، والمؤسسات المتخصصة، ومنظمات الشباب والنساء والمجتمع المدني، بما في ذلك المدافعون عن حقوق الإنسان والضحايا. وأوضحت أن ترشيحات الأعضاء ستخضع لمعايير محددة تشمل عدم تورطهم في انتهاكات حقوق الإنسان أو فساد أو ممارسات غير أخلاقية، وامتلاك خبرة واسعة في مجالات الحوكمة والاقتصاد والأمن والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان، والالتزام بتعزيز الحلول السياسية الشاملة والعمل بحسن نية.

شروط تضمن الشمول والتنوع

أشارت البعثة إلى أن الترشيحات لا تضمن العضوية، إذ تسعى لضمان التمثيل الجغرافي والسياسي والثقافي المتوازن، مع إلزامية أن تكون نسبة (35%) على الأقل من النساء، وتضم كل مجموعة رئيسية شخصًا واحدًا على الأقل من ذوي الإعاقة. ويُشارك في الحوار حوالي (120) عضوًا، بهدف توسيع شمول العملية السياسية من خلال جمع مختلف الليبيين والليبيات من جميع المناطق والتوجهات.

ولتوسيع مشاركة الجمهور، ستُوفر البعثة فرصا للتفاعل عبر استطلاعات الرأي والاجتماعات الحضورية والافتراضية، إضافة إلى إنشاء تجمع نسائي ومنصة رقمية لتعزيز مشاركة الشباب. كما ستستعين البعثة بخبراء ليبيين كميسرين خلال عملية الحوار.

مسار تشريعي وسياسي شامل

أكّدت البعثة أن «الحوار المهيكل» لا يختص باختيار حكومة جديدة، بل يهدف إلى التوصل إلى توصيات سياسية وتشريعية لمعالجة التحديات في مجالات الحوكمة والاقتصاد والأمن، وبناء توافق وطني يُمهّد الطريق نحو الاستقرار وتهيئة بيئة مناسبة للانتخابات.

الدبيبة: «عهد جديد لحضور ليبيا الخارجي بعد طيّ صفحة الصراع»

من ناحية أخرى، بعد سنوات أثقلت فيها الصراعات كاهل «ليبيا»، وأبقتها في قلب العاصفة الإقليمية والدولية، يُعلن رئيس حكومة الوحدة، «عبدالحميد الدبيبة»، أن البلاد تدخل اليوم عهدًا خارجيًا جديدًا، تُعيد فيه تموضعها بثقة، وتستعيد دورها الفاعل على الخارطة السياسية للعالم.

تعزيز الحضور الخارجي الليبي

وفي التفاصيل، أكّد عبد الحميد الدبيبة، أن الملتقى الأول لرؤساء البعثات الدبلوماسية الليبية خطوة استراتيجية لترسيخ تنسيق مؤسسات الدولة في الداخل والخارج، وتعزيز حضور ليبيا الدولي.

وأوضح «الدبيبة»، أن الحكومة تبنت سياسة خارجية مُتوازنة تقوم على الانفتاح المتكافئ وبناء علاقات قائمة على المصالح المشتركة واحترام السيادة، ما أسهم في انتقال «ليبيا» من ساحة صراع إلى دولة تتمتع بعلاقات مُتوازنة وندية مع مختلف القوى الدولية، مُشيرًا إلى أن هذه السياسة ساهمت في اتساع حضور البعثات الدبلوماسية العاملة في ليبيا وعودة عدد من البعثات والمنظمات الدولية لممارسة أعمالها من داخل البلاد، فضلاً عن تحسن حركة الطيران وفتح التأشيرات بما أعاد ربط ليبيا بمحيطها الإقليمي والدولي.

نجاحات في السياسة الخارجية

استعرض «الدبيبة» أبرز الإنجازات الدبلوماسية، بما في ذلك استرجاع أكثر من (20) قطعة أثرية مُهربة، واستضافة فعاليات دولية بارزة مثل «مؤتمر استقرار ليبيا، والمنتدى المتوسطي للهجرة، والاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب»، إضافة إلى «تولي ليبيا رئاسة المجموعة العربية في الأمم المتحدة، ودعم المسارات السياسية في تشاد والسودان، واستضافة مقر مصرف الاستثمار الأفريقي، والمساهمة في حصول الاتحاد الأفريقي على عضوية مجموعة العشرين».

وفي الجانب الإنساني، لفت «الدبيبة» إلى جهود الدولة في إعادة (38) مواطنًا موقوفًا بالخارج، ورفع التحفظات الأمنية عن (936) مواطنًا، مُعتبرًا أن هذه الخطوات عززت ثقة المواطنين في رعاية الدولة لهم داخل الوطن وخارجه.

خطة تطوير الدبلوماسية الليبية

كشف «الدبيبة» عن إطلاق خطة شاملة لإعادة تنظيم البعثات الليبية في الخارج، وترشيد الإنفاق، ورفع كفاءة الأداء، مع تكليف القائم على تسيير ديوان وزارة الخارجية بتقديم إحاطات منتظمة وشفافة حول النتائج الفعلية لهذه الخطة. كما أعلن عن برنامج جديد للاتصال الخارجي يعتمد على الدبلوماسية الثقافية وأدوات القوة الناعمة، لتمكين السفارات الليبية من التعريف بالثقافة الليبية وبناء جسور التعاون الدولي، مُشيرًا إلى افتتاح «المتحف الوطني الليبي» كإحدى أبرز محطات هذا التوجه.

واختتم عبد الحميد الدبيبة كلمته بالتأكيد على أن السفراء هم الواجهة الأولى لليبيا وصورتها أمام العالم، مُؤكّدًا أن الملتقى سيُصبح تقليدًا سنويًا يُعزز التنسيق بين الداخل والخارج ويُوحّد رسائل الدولة نحو مستقبل مُزدهر.

البعثة الأممية تقترح حكومة جديدة في ليبيا.. و«الدبيبة» يُعلّق

من جهة أخرى، أثار مقترح «البعثة الأممية» بتشكيل حكومة جديدة جدلًا واسعًا في «الأوساط الليبية»، بين من يراه مخرجًا من الأزمة المُمتدة، ومن يعتبره تدخلًا في الشأن السيادي. في هذا السياق، جاء تعليق رئيس حكومة الوحدة الوطنية، «عبد الحميد الدبيبة»، ليعكس تشكيكًا ضمنيًا في نوايا المبادرة، وتمسكًا بشرعية قائمة رغم الخلاف حولها.