دراسات وأبحاث

ترامب يتولى شخصيًا ملف السودان.. أمل السلام يواجه تحديات وعقوبات محتملة للمعرقلين

الخميس 04 ديسمبر 2025 - 12:44 م
جهاد جميل
الأمصار

عاد أمل وقف الحرب في السودان وإعادة الاستقرار إلى المشهد السياسي والإنساني هناك، بعدما أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أنه سيتولى شخصيًا متابعة ملف السودان، في خطوة اعتبرها مراقبون سودانيون بمثابة بارقة أمل للحد من الصراع والمعاناة المتواصلة في البلاد. 

 

يأتي هذا التحرك الأمريكي بعد سلسلة من الأحداث الإقليمية والدولية التي ركزت على النزاعات المسلحة في الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث أظهر ترامب قدرته على إدارة ملفات شائكة ومعقدة، مثل الأزمة في غزة والنزاع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وأكد وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، أن الرئيس ترامب يتابع شخصيًا مساعي إنهاء الحرب في السودان، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى تحقيق السلام الدائم ووقف الانتهاكات الإنسانية التي يعاني منها المدنيون بشكل يومي. 

ويأتي هذا الإعلان بعد طلب تدخل عاجل من قبل الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، خلال منتدى الاستثمار الأمريكي-السعودي الذي عُقد مؤخرًا، حيث شدد على خطورة الوضع في السودان وضرورة إيجاد حل سريع يضع حدًا للفظائع المستمرة.

التحرك الأمريكي على الأرض

في سياق متصل، أطلق كبير مستشاري ترامب للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، جولة دبلوماسية مكثفة مع مختلف الأطراف السودانية بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر، مع السماح بإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة. 

كما يشمل التحرك بدء مفاوضات لإيجاد حل سياسي شامل يعزز السلام والاستقرار على المدى الطويل.

ويرى عدد من المحللين السودانيين أن تدخل الرئيس الأمريكي شخصيًا في الملف يعكس أهمية الأزمة على المستوى الدولي، ويشير إلى قدرة واشنطن على فرض مسارات سياسية حتى في الحالات المعقدة، مستندة إلى أدوات الضغط الاقتصادية والدبلوماسية والسياسية المتاحة للرئيس الأمريكي. 

ويضيف هؤلاء المراقبون أن التحرك الأمريكي يمثل فرصة لإعادة بناء الثقة بين القوى السياسية السودانية المختلفة وإيجاد أرضية مشتركة للتوصل إلى حلول مستدامة.

 

دور الرباعية العربية والدولية

ويؤكد رئيس دائرة الإعلام في حزب الأمة القومي السوداني، المصباح أحمد محمد، أن جهود ترامب تعتمد على التنسيق مع دول الرباعية العربية، وهي السعودية، الإمارات، مصر، والولايات المتحدة نفسها، لتحقيق هدف وقف الحرب وتحقيق انتقال سلمي للسلطة. وأضاف أن المبادرة الرباعية لا تمثل مجرد خطاب دبلوماسي، بل فرصة حقيقية مدعومة بالقدرات الأمريكية لضمان سلام عادل ومستدام في السودان.

وشدد المصباح على أن أي تجاهل من قبل أطراف النزاع للمبادرة الأمريكية قد يؤدي إلى فرض عقوبات إضافية على المعرقلين، مما يزيد من عزلتهم الدولية ويعمّق أزمتهم الداخلية. وأوضح أن استمرار الحرب سيؤدي حتمًا إلى تفاقم الوضع الإنساني الكارثي، وهو ما قد يدفع المجتمع الدولي إلى التدخل بموجب الفصل السابع إذا لم تتعاون الأطراف المعنية.

التحديات والرهانات

رغم أهمية مبادرة الرباعية، فإنها تواجه عقبات كبيرة تتمثل في اختلاف مصالح الفاعلين الإقليميين والدوليين، وهو ما قد يبطئ وتيرة الحلول العملية. 

 

ويؤكد المصباح أن أي حل يُفرض من الخارج لن يكون مستدامًا إلا إذا ارتكز على إرادة وطنية حقيقية، تشارك فيها القوى المدنية السودانية لتعكس تطلعات الشعب، ضمن مشروع وطني شامل يعالج جذور الأزمة.

ويضيف المحلل السياسي السوداني، سيبويه يوسف، أن التحرك الأمريكي يرتبط أيضًا بالضرورات الأمنية القومية للولايات المتحدة، خاصة بعد تقارير حول استخدام الجيش السوداني للسلاح الكيماوي، أو وجود اتفاقات محتملة مع روسيا لإقامة قاعدة عسكرية على ساحل البحر الأحمر بمدينة بورتسودان. 

ويشير يوسف إلى أن الولايات المتحدة تعتبر أمن البحر الأحمر من مصالحها الحيوية، مما يعزز من أهمية التدخل المباشر للرئيس ترامب لضمان حماية هذه الممرات البحرية الحيوية.

مستقبل السلام في السودان

يشير مراقبون إلى أن خطوة ترامب تمثل مؤشرًا على اهتمام عالمي متزايد بالأزمة السودانية، وأن توليه الملف شخصيًا قد يسرّع من جهود التوصل إلى اتفاق سلام مستدام، شرط تعاون الأطراف السودانية المختلفة ومساندة المبادرة الدولية. ويظل الرهان الأكبر على قدرة القوى المدنية والسياسية في السودان على التوصل إلى توافق داخلي يمهد الطريق لإنهاء الحرب وتحقيق استقرار دائم.

وفي الوقت نفسه، يؤكد خبراء أن أي فشل في الاستجابة للمبادرة سيؤدي إلى تضييق الخيارات أمام الأطراف السودانية، بما في ذلك فرض عقوبات دولية وعزلة سياسية واقتصادية. وبالتالي فإن أهمية التحرك الأمريكي لا تقتصر على كونه خطوة دبلوماسية، بل تشكل عنصر ضغط عملي لتحقيق مصالح الشعب السوداني ووقف المعاناة الإنسانية التي خلفتها الحرب.