دخل التوتر بين روسيا والغرب مرحلة جديدة من الحدة بعدما أطلق الرئيس الروسي تصريحات وصفها مراقبون بأنها الأخطر منذ بداية الحرب في أوكرانيا. قال بوتين بوضوح إن بلاده “مستعدة للذهاب إلى مواجهة عسكرية مع أوروبا إذا استمرت تهديدات الحلف”، في خطوة تعكس رغبة الكرملين في إعادة رسم ميزان القوى مستخدمًا لغة الردع المباشر.
هذه الرسالة لم تمرّ مرور الكرام. فجاء الرد من أمين عام الناتو سريعًا وقاطعًا: “لن نذهب إلى أي مكان”، مؤكدًا أن وجود قوات الحلف في أوروبا ثابت وممتد، وأن أي تهديد روسي لن يدفع الحلف إلى الانسحاب أو إعادة حساباته الاستراتيجية.
تعليق الأمين العام حمل في طياته رسالة مزدوجة: الأولى تطمين الدول الأوروبية التي باتت تشعر بأن الحرب قد تقترب من حدودها أكثر من أي وقت مضى، والثانية تأكيد للكرملين بأن الحلف لن يسمح بتغيير قواعد الاشتباك أو فرض واقع جديد باستخدام الضغط العسكري أو التهديد المباشر.
مصادر داخل الحلف أشارت إلى أن الدول الأعضاء تتابع التحركات الروسية بتركيز شديد، وتعمل على رفع مستوى التنسيق الدفاعي وزيادة جاهزية القوات المنتشرة في دول شرق أوروبا. كما يتم بحث خطط لتعزيز الدفاعات الجوية وإعادة توزيع بعض القدرات العسكرية تحسبًا لأي تطور غير محسوب.
داخل العواصم الأوروبية، أثارت تهديدات بوتين نقاشات واسعة حول مستقبل الأمن القاري. فالدول التي كانت تراهن على استمرار التهدئة باتت أمام واقع جديد يفرض عليها مراجعة سياستها الدفاعية.
ارتفعت الأصوات المطالبة بتسريع إعادة تسليح الجيوش، وزيادة ميزانيات الدفاع، وتعزيز الوجود العسكري الأمريكي داخل أوروبا، خصوصًا في الدول الحدودية مع روسيا مثل بولندا ودول البلطيق.
وفي الوقت نفسه، تتزايد المخاوف الشعبية من احتمال انزلاق التوتر إلى مواجهة مباشرة، خاصة في ظل تراجع الثقة بين موسكو والغرب وتوقف قنوات الحوار السياسي.
وفي التفاصيل، أفاد الصحفي البريطاني «أوين ماثيوز» في مقال نشرته صحيفة «التلغراف» البريطانية، بأن انتصرت روسيا في الصراع في أوكرانيا، وبالتالي فإن الرئيس الروسي، «فلاديمير بوتين» هو من سيُحدد شروط السلام.
ذكرت «التلغراف»، في مقالها، أن «بوتين سيُحدد شروط السلام في أوكرانيا لأن روسيا المنتصرة في الحرب. ولا يُمكن لأي احتجاج غاضب من رئيسة الدبلوماسية الأوروبية كايا كالاس أن يُغيّر هذه الحقيقة الصارخة. يُمكن للقادة الأوروبيين صياغة خطط سلام بديلة مختلفة كما يحلو لهم، لكن الصوت الوحيد الذي يهم هو صوت بوتين».
وأشار الكاتب إلى أن أوروبا تفتقر إلى الموارد المالية والأسلحة لمواصلة مساعدة أوكرانيا. وشدد «ماثيوز» على أن «الإيمان بانهيار الاقتصاد الروسي نتيجة للعقوبات الجديدة والضغط والضربات الأوكرانية بعيدة المدى على مصافي النفط ومحطات النفط والناقلات في البحر هو تفكير بدائي».