حذرت روسيا، اليوم الثلاثاء، من أن الحكومة الفرنسية تواصل البحث عن سبل قد تقودها إلى الانخراط المباشر في الحرب الأوكرانية، معتبرة أن أي خطوة من هذا النوع ستُعد تصعيدًا خطيرًا وستقابل برد حازم من جانب موسكو.
وجاء هذا التحذير عبر بيان صادر عن المكتب الإعلامي لجهاز المخابرات الخارجية الروسية (SVR)، والذي أكد أن الجهاز تلقى معلومات تشير إلى أن باريس لا تزال تدرس خيارات للمشاركة المباشرة في الصراع الدائر في أوكرانيا منذ فبراير 2022.
وأوضح الجهاز الروسي أن هذه التوجهات الفرنسية ظهرت بشكل واضح في مرسوم 1030-2025، الذي أصدرته الحكومة الفرنسية مؤخرًا، ويتيح استخدام الشركات العسكرية الخاصة لتقديم الدعم لدولة ثالثة منخرطة في نزاع مسلح. ووفق البيان الروسي، فإن الإشارة هنا تتجه بشكل مباشر نحو أوكرانيا، في ظل استمرار الدعم العسكري الغربي لكييف.

وجاء في البيان: "حتى المواطن الأوروبي الأقل اطلاعًا يدرك أن الدولة المقصودة في هذا المرسوم ليست سوى أوكرانيا". واعتبر جهاز المخابرات الخارجية الروسي أن هذا القانون يمثل إحدى الخطوات العملية التي تتخذها باريس للاقتراب أكثر من مسرح العمليات، بما يعكس رغبة متزايدة لدى القيادة الفرنسية في تعزيز حضورها وتأثيرها في الجبهة الشرقية لأوروبا.
وأضاف الجهاز أن هذه التحركات تأتي في وقت تعمل فيه فرنسا على تعزيز وجودها العسكري في دول شرق أوروبا، الشريكة في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو ما يُفاقم التوتر بين موسكو والدول الغربية ويزيد من احتمالات توسع دائرة الصراع.
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد شددت في وقت سابق على أن أي وجود عسكري فرنسي مباشر داخل الأراضي الأوكرانية “سيُعامل كهدف مشروع للقوات المسلحة الروسية”. ويأتي هذا الموقف في إطار سياسة موسكو الصارمة تجاه أي محاولة خارجية لإعادة رسم موازين القوى على حدودها الغربية.
وفي المقابل، نفت الحكومة الفرنسية مرارًا صحة التقارير التي تتهم باريس بالتخطيط لإرسال قوات قتالية إلى أوكرانيا، ووصفت تلك المزاعم بأنها “ادعاءات مضللة” تهدف – حسب تعبيرها – إلى تشويه مواقف فرنسا وتشتيت الانتباه عن الجهود الدبلوماسية الجارية.
وتقول باريس إن دعمها لكييف يندرج فقط ضمن الأطر المتفق عليها داخل الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، وإن أي قرارات عسكرية تتطلب توافقًا سياسيًا أوسع.
ويأتي هذا التوتر الجديد في وقت تشهد فيه العلاقات بين روسيا والدول الغربية تصعيدًا لافتًا، بالتزامن مع تعثر المسارات الدبلوماسية الهادفة لإنهاء الحرب التي دخلت عامها الرابع. كما تتزايد المخاوف الدولية من احتمال انزلاق الصراع إلى مواجهة أوسع، في ظل تبادل الاتهامات بين موسكو والعواصم الغربية بشأن النيات العسكرية وخطط المستقبل في المنطقة.
هذا المشهد المتوتر يعكس حالة عدم اليقين التي تحيط بمفاوضات السلام المتوقفة، بينما تستمر التحركات العسكرية والسياسية في تأجيج الصراع بدل تهدئته، ما يترك مستقبل الأزمة مفتوحًا على كل الاحتمالات خلال الأشهر المقبلة.