دراسات وأبحاث

بين الخنق والمُهلة الأخيرة.. «ترامب» يُلوّح لـ«مادورو» بعرض الرحيل

الثلاثاء 02 ديسمبر 2025 - 06:45 ص
مصطفى عبد الكريم
ترامب و مادورو
ترامب و مادورو

تتزايد الضغوط على «فنزويلا» إلى مستويات غير مسبوقة، بينما يجد الرئيس «نيكولاس مادورو» نفسه أمام معادلة لا ترحم: إمّا «القبضة الأمريكية» التي تُحكم خناقها يومًا بعد يوم، أو «العرض الأخير» الذي لوَّح به الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، مُمهِّدًا الطريق لرحيلٍ سلس قبل لحظة الانفجار. وفي ظلّ العقوبات الثقيلة التي تضرب قلب «الاقتصاد الفنزويلي»، تتعالى الأصوات داخل وخارج البلاد مُطالِبةً بإغلاق صفحة «مادورو»، فيما تُظهر واشنطن استعدادًا لتسهيل الخروج إذا جاء القرار من الداخل… قرار قد يُحدّد مصير دولة كاملة تقف على حافة الهاوية.

ترامب يُصعّد ضد فنزويلا

وفي تطور لافت، كشفت «ذا جارديان» البريطانية، أن دونالد ترامب أبلغ نيكولاس مادورو، خلال آخر مكالمة بينهما، بوجوب مغادرة الحُكم في «فنزويلا»، مُعتبرًا ذلك الفرصة «الأخيرة» قبل تشديد الضغط.

ولم تُقدّم الحكومة الأمريكية والفنزويلية أي تفاصيل إضافية بشأن المواضيع التي تمت مناقشتها خلال المحادثة غير العادية للغاية، التي يُعتقد أنها جرت في 21 نوفمبر. وأكّد «ترامب» إجراء المكالمة، وقال للصحفيين: «لا أستطيع أن أقول إنها سارت بشكل جيد أو سيئ، لقد كانت مكالمة هاتفية».

رسالة صريحة وتصعيد بحري

لكن مصادر أفادت لصحيفة «ميامي هيرالد»، بأن الرئيس الأمريكي أرسل «رسالة صريحة» إلى نظيره من «أمريكا الجنوبية»، الذي يعد محور حملة ضغط مُستمرة منذ أربعة أشهر، حيث أمر «ترامب» بنشر قوات بحرية ضخمة قبالة الساحل الشمالي لفنزويلا.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن ترامب قوله: «يُمكنك إنقاذ نفسك وأقرب الناس إليك، ولكن يجب عليك مغادرة البلاد الآن»، وعرض مرورًا آمنًا لـ«مادورو» وزوجته وابنه فقط إذا وافق على الاستقالة على الفور.

رفض فوري وشروط صارمة

رفض الرئيس الفنزويلي «مادورو»، التنحي عن منصبه على الفور، وقدّم سلسلة من المطالب «المُضادة»، بما في ذلك الحصانة الدولية من المُلاحقة القضائية، والسماح له بالتنازل عن السيطرة السياسية مع الاحتفاظ بالسيطرة على القوات المسلحة.

Maduro pleads with Trump: No war, no war, but peace - Telegraph
ترامب و مادورو 

وذكرت الصحيفة أنه لم يُجرَ أي اتصال مباشر آخر بين ترامب ومادورو، على الرغم من أن «مادورو» طلب، بحسب التقارير، مكالمة ثانية نهاية الأسبوع الماضي بعد أن أعلن «ترامب» إغلاق المجال الجوي الفنزويلي «كليًا»، وزعمت صحيفة «ميامي هيرالد»، أن «حكومة مادورو لم تتلقَّ أي رد»، مُشيرةً إلى أن المناقشة الأولى جرت بوساطة من البرازيل وقطر وتركيا.

شكوك حول التهديد العسكري

على الرغم من الادعاءات المُسربة بأن «ترامب» وجّه إنذارًا نهائيًا إلى «مادورو»، فإن العديد من المراقبين يُشككون في أن الرئيس الأمريكي ينوي دعم هذه التهديدات بعمل عسكري واسع النطاق.

وفي الشهر الماضي، قال مصدر على اتصال منتظم مع كبار المسؤولين الفنزويليين لصحيفة «وول ستريت جورنال»: «إن مادورو ومُعظم حلفائه يعتبرون التهديدات العسكرية الأمريكية مُجرّد خدعة».

مادورو ينجو من الأزمات

منذ انتخابه في عام 2013، نجا الزعيم الفنزويلي من سلسلة من الأزمات، بما في ذلك حملة «الضغط الأقصى» التي شنّها «ترامب» في ولايته الأولى، وعدة جولات من الاحتجاجات الجماهيرية، والانهيار الاقتصادي التاريخي، ومحاولة اغتيال في عام 2018، والهزيمة الواضحة في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، والتي يُعتقد على نطاق واسع أن «مادورو» خسرها أمام الدبلوماسي السابق «إدموندو جونزاليس».

وحثّت صحيفة «وول ستريت جورنال» إدارة ترامب على مواصلة تصعيد الضغط على «فنزويلا»، وأعربت عن اعتقادها بأن «عزل مادورو يصب في المصلحة الوطنية الأمريكية».

وفي محاولة للتوصل إلى «حل سلمي»، عرض الرئيس الكولومبي، «جوستافو بيترو»، مدينة «قرطاجنة» الكولومبية كموقع مُحتمل لإجراء محادثات بين نظام مادورو والمعارضة الفنزويلية.

مادورو بين الرحيل والبقاء

وبين خنقٍ اقتصادي يشتد يومًا بعد يوم، ومُهلة سياسية قد تكون الأخيرة، يقف «نيكولاس مادورو» أمام لحظة الحقيقة؛ فالعرض الأمريكي المطروح ليس خيارًا سهلًا، لكنه أيضًا ليس قابلًا للتجاهل. وفي الوقت ذاته، تُبقي «واشنطن» أوراق الضغط في يدها، مُلوّحة بمزيد من الإجراءات إذا أصرّ القصر الرئاسي في «كاراكاس» على البقاء في مواجهة العاصفة. ومع مرور الوقت وتزايد الاحتقان الداخلي، تبدو «فنزويلا» مُعلّقة بين مسار تفاوضي قد يُنقذ ما تبقّى، ومصيرٍ مجهول قد يدفع البلاد إلى فوضى لا تُبقي ولا تذر… بينما يترقّب العالم قرار الرجل الذي بات كل يومٍ يضيق عليه أكثر من الذي يسبقه.