يشهد السودان منذ عام 2023 أزمة إنسانية هي الأسوأ في تاريخه الحديث، حيث يعاني ملايين المواطنين من نقص حاد في الغذاء والمياه والرعاية الصحية والتعليم، وسط تصاعد النزاعات الداخلية وتداعيات الانهيار الاقتصادي. ويواجه النازحون داخليًا والمحرومون من الاحتياجات الأساسية وضعًا مأساويًا يهدد حياتهم بشكل يومي.
وبحسب تقارير منظمات الإغاثة الإنسانية الدولية، فإن الأطفال هم الأكثر تأثرًا بهذه الأزمة، إذ يُقدّر أن ملايينهم يواجهون خطر سوء التغذية، ويعانون من انقطاع التعليم، بالإضافة إلى تعرضهم لأمراض يمكن الوقاية منها إذا توفرت الرعاية الطبية الأساسية. وتشير التقارير إلى أن العنف المسلح ونزوح السكان من مناطقهم الأصلية يزيد من هشاشة الفئات العمرية الصغيرة ويضاعف من المخاطر التي تهدد مستقبلهم.

وتشهد العديد من الولايات السودانية انهيار الخدمات الأساسية، بما في ذلك المياه والكهرباء والصحة، ما يزيد من معاناة السكان في المناطق الريفية والحضرية على حد سواء. وفي ظل فشل الهدن الدولية المتكررة وتراجع الدعم الإنساني، يواجه المدنيون صعوبات بالغة في الحصول على الاحتياجات اليومية، مما يضاعف حجم الكارثة الإنسانية في البلاد.
ويشير خبراء إلى أن الأزمة الحالية تُعد نتيجة لتشابك الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك الانقسامات الداخلية بين القوى المسلحة، وتراجع الموارد الاقتصادية نتيجة العقوبات، ونقص التمويل الإنساني الدولي. وقد حذّروا من أن استمرار الوضع على هذا النحو سيؤدي إلى تفاقم معدلات الوفيات بين الأطفال والنساء وكبار السن، الذين يُعدون الفئات الأكثر هشاشة.
وتستمر الدعوات الدولية لتحرك عاجل من المجتمع الدولي لمساعدة السودان، مع التركيز على دعم برامج الغذاء والمياه والرعاية الصحية، بالإضافة إلى تأمين الحماية للأطفال وتأهيل المدارس والمراكز الصحية المتضررة. ومع ذلك، يظل الدعم الدولي محدودًا مقارنة بحجم الكارثة، وسط صعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة بسبب النزاعات المستمرة وعدم الاستقرار الأمني.
يظل السودان اليوم أمام اختبار حقيقي في قدرته على حماية مواطنيه وتقديم الدعم الإنساني للفئات الأكثر ضعفًا، في ظل ضغوط داخلية وخارجية، حيث تشير جميع المؤشرات إلى أن الأزمة الإنسانية ستستمر في التفاقم ما لم تتخذ إجراءات عاجلة وشاملة لإنقاذ ملايين الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر والمعاناة.