حوض النيل

تصاعد المعارك بين الجيش السوداني وحلفاء الدعم السريع بجنوب كردفان

الخميس 27 نوفمبر 2025 - 11:00 م
هايدي سيد
الأمصار

يشهد إقليم جنوب كردفان في جمهورية السودان تصعيدًا عسكريًا لافتًا خلال الساعات الأخيرة، بعدما أعلن الجيش السوداني اليوم الخميس دخوله في مواجهات مباشرة مع عناصر مسلّحة متحالفة مع قوات الدعم السريع. 

ويأتي هذا التصعيد استمرارًا لسلسلة من الاشتباكات التي تضرب الإقليم منذ عدة أشهر، في ظل تنافس الطرفين للسيطرة على مواقع استراتيجية تُعدّ ذات أهمية لوجستية وعسكرية في مسار الحرب الممتدة منذ أبريل 2023.

وبحسب ما بثّته قناة القاهرة الإخبارية، تخوض قوات الجيش السوداني منذ صباح اليوم معارك وُصفت بالعنيفة ضد مجموعات مسلّحة أعلنت ولاءها لقوات الدعم السريع، وذلك في محيط عدد من البلدات القريبة من الممرات الحيوية داخل ولاية جنوب كردفان. وأفادت مصادر محلية بأن دوي الانفجارات وإطلاق النار يمكن سماعه في مناطق واسعة، ما أثار حالة من الذعر بين السكان الذين يعيشون منذ شهور في دائرة توترات لا تهدأ.

وقال شهود عيان من داخل الولاية إن الجيش السوداني يعمل على تعزيز مواقعه الدفاعية في المناطق التي تشهد اضطرابات مستمرة، خصوصًا تلك الواقعة على خطوط الإمداد التي تربط جنوب كردفان بوسط السودان وشرقه.

 وتأتي هذه التحركات ضمن استراتيجية عسكرية تهدف إلى منع تمدّد قوات الدعم السريع وحلفائها نحو المواقع التي يتخذها الجيش نقاط ارتكاز رئيسية.

وفي المقابل، تحاول العناصر المتحالفة مع قوات الدعم السريع تحقيق اختراق ميداني من خلال التقدّم باتجاه الثكنات والنقاط العسكرية القريبة من الحدود المشتركة بين جنوب كردفان وإقليم دارفور، في محاولة لفتح ممرات جديدة تعزز من قدراتهم على الحركة وتنفيذ الهجمات.

وتبرز أهمية ولاية جنوب كردفان باعتبارها منطقة فاصلة بين معاقل قوات الدعم السريع في إقليم دارفور غربًا، ومناطق انتشار الجيش السوداني في الوسط والشرق. لذلك يصف المراقبون هذا الإقليم بـ"المنطقة العازلة" التي يعتمد عليها الطرفان لفرض السيطرة على مسار الحرب وتوجيه ضغوط عسكرية على الآخر.

وتشير التحليلات العسكرية إلى أن السيطرة على جنوب كردفان تفتح الباب أمام تغيّر موازين القوى على الأرض، إذ يعد الإقليم من المناطق التي تتميز بطرق جبلية وعرة وبيئة صعبة، ما يمنح الطرف المسيطر عليه قدرة على التحكم في خطوط الإمداد والتحركات العسكرية.

وتعود جذور هذا التصعيد إلى الحرب التي اندلعت في السودان في أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي". 

ومع مرور أكثر من عامين على بدء القتال، تزداد الجبهات اشتعالًا دون وجود أي مؤشرات جدية على تقدم في مسار السلام أو التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار.

وخلال الأشهر الماضية، تحوّل تركيز القتال تدريجيًا من العاصمة الخرطوم ومحيطها إلى إقليم دارفور ثم إلى جنوب كردفان، حيث يسعى كل طرف إلى تعزيز نفوذه وترسيخ وجوده الميداني قبل أي مفاوضات محتملة بشأن مستقبل البلاد.

هذا التصعيد العسكري جاء ليزيد من معاناة المدنيين في جنوب كردفان، حيث تسببت المعارك في نزوح مئات الأسر، فيما تواصل منظمات الإغاثة الدولية التحذير من تدهور الوضع الإنساني في الإقليم. وقد بات الحصول على الغذاء والدواء والمياه الصالحة للشرب تحديًا يوميًا لسكان المناطق المتأثرة بالقتال.

كما أدت الاشتباكات إلى تعطّل الحركة التجارية وإغلاق عدد من الطرق الرئيسية، مما فاقم من عزلة المجتمعات المحلية التي تعتمد بشكل كبير على التجارة والتنقل اليومي لتأمين احتياجاتها الأساسية.

تصاعد المعارك في جنوب كردفان يعكس تعقّد المشهد السوداني وامتداد رقعة الحرب إلى مناطق جديدة، في ظل غياب أي جهود سياسية فعالة يمكن أن تمهّد الطريق لحلّ شامل. وبينما يسعى الجيش السوداني لتثبيت نفوذه، تكثف قوات الدعم السريع وحلفاؤها محاولاتهم لتغيير موازين الميدان، ويبقى المدنيون الضحية الأولى لصراع لا يبدو أنه يقترب من نهايته.