دراسات وأبحاث

القمة العالمية لطاقة المستقبل 2026.. الذكاء الاصطناعي ركيزة للاستدامة

الخميس 27 نوفمبر 2025 - 07:02 م
مريم عاصم
الأمصار

تسلط القمة العالمية لطاقة المستقبل 2026 الضوء على تقنيات الذكاء الاصطناعي وإمكاناتها الكفيلة بإعادة رسم ملامح إنتاج ونقل الطاقة وتوزيعها بشكل فعّال ومعزز بالبيانات، لا سيما في ظل بروزها كقوة تحويلية في قطاع الطاقة النظيفة.

وتنعقد القمة في مركز أدنيك أبوظبي من 13 إلى 15 يناير/كانون الثاني المقبل، لتكون أحد أبرز الفعاليات على أجندة أسبوع أبوظبي للاستدامة 2026.

وفي حين يدخل الذكاء الاصطناعي في جميع مسارات الحوار السبعة التي تستضيفها الفعالية هذا العام، تبني دورة عام 2026 على هذا الزخم وتعزز سوية برنامجها مع إطلاق منطقة فيوز إيه آي المصممة لتعزيز التحول القائم على التكنولوجيا بمشاركة أكثر من 40 شركة متخصصة في تقديم حلول الذكاء الاصطناعي للطاقة النظيفة والبنية التحتية الذكية والمرونة المناخية.

كما تحتضن القمة النسخة الأولى من مؤتمر الذكاء الاصطناعي، الملتقى الذي يتناول سُبل الاستخدام المسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي بهدف تسريع التطور في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والمدن الذكية.

وتجمع القمة أبرز قادة الفكر والمبتكرين والمؤثرين على السياسات، وتركز حواراتها على الإمكانات التنبؤية للذكاء الاصطناعي وقدرته على تحسين إدارة تدفقات الطاقة النظيفة، مما يوفر ميزة فنية مهمة لمساعدة الأنظمة منخفضة الكربون على التوسع بكفاءة.

وتشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تسارعاً ملموساً في اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، بدءاً من إدارة شبكات الكهرباء والاستجابة للطلب ووصولاً إلى ربط القطاعات وصيانة الأنظمة.

من جهة أخرى، تُسهم التطورات الحاصلة في مجالات التنبؤ وتخزين الطاقة في تعزيز الأداء، مما يفسح المجال أمام الشركات لتقديم الطاقة المتجددة بمستويات أكبر من الكفاءة والموثوقية. ويبقى الاهتمام منصباً حول أفضل السُبل لتحقيق الإمكانات الكاملة للذكاء الاصطناعي من أجل تشغيل أنظمة الطاقة المستدامة المستقبلية.

سد الفجوات في سياسات الطاقة

وتشمل محاور الاهتمام قدرة الذكاء الاصطناعي على سد الفجوات في سياسات الطاقة، والتي لطالما أعاقت الانتقال نحو الطاقة الخالية من الكربون؛ وبحث مدى قدرة هذه التكنولوجيا الرائدة على تسريع الابتكار لتمكين الباحثين ورواد الأعمال من إجراء الاختبارات بسرعة وإثبات نجاعة التقنيات في إحداث الأثر المباشر على مساعي إزالة الكربون.

وتناول مجموعة من الخبراء البارزين المشاركين في أعمال القمة المرتقبة في يناير هذه المواضيع الملحّة، إلى جانب دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز جهود استكشاف عملية التعمدُن لالتقاط الكربون.

أهداف الطاقة النظيفة لدولة الإمارات

وتشمل أهداف الطاقة النظيفة لدولة الإمارات، المنصوص عليها في استراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050، زيادة حصة الطاقة النظيفة إلى 50% من إجمالي مزيج الطاقة في الدولة بحلول عام 2050، والحد من الانبعاثات الكربون بنسبة 70%، وزيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة إلى ثلاثة أضعاف بحلول 2030. وسيلعب الذكاء الاصطناعي دوراً محورياً في تحقيق أهداف الطاقة النظيفة هذه في جميع أنحاء المنطقة.

ويدعم تقرير اللجنة الاستشارية للقمة العالمية لطاقة المستقبل وأسبوع أبوظبي للاستدامة حول رؤى الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا لعام 2025 هذا الطرح، مؤكداً قدرة الذكاء الاصطناعي على تعزيز كفاءة وموثوقية الطاقة النظيفة وشبكات البنية التحتية في المنطقة والعالم.

وبحسب التقرير، يمكن لخوارزميات الشبكات الذكية التوصل إلى توقعات دقيقة ومن ثم موازنة جانبي العرض والطلب على الكهرباء بشكل آني، فضلاً عن دورها في دمج مصادر الطاقة الجديدة، والحد من الحاجة إلى بناء محطات جديدة لتوليد الطاقة.

وأكد التقرير على أهمية الاستثمار في البنى التحتية الرقمية والمهارات بما يتيح للمرافق الخدمية الاستفادة من البيانات لتحسين الشبكة وتدابير الصيانة الوقائية.

تتناول دورة عام 2026 أيضاً الدور المتنامي للذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة الطاقة ضمن المباني. وفي هذا الإطار، أشار المنتدى الاقتصادي العالمي إلى دور تقنيات الذكاء الاصطناعي في مساعدة الشركات على الحد من استهلاك الطاقة بما يصل إلى 60% في بعض الحالات.

وفي حين لا تزال رحلة القطاع للاستفادة من الإمكانات الكاملة للذكاء الاصطناعي في هذا المجال في بدايتها، تبرز أمامنا باقة واسعة من الفرص لتحقيق التقدم.

وتشارك نخبة من خبراء القطاع في سلسلة من الندوات والجلسات الحوارية للبحث في التحديات والفرص الرئيسية في مجال كفاءة الطاقة داخل المنازل والشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها.

ويناقش المتحدثون دور أدوات التصميم المعززة بالذكاء الاصطناعي والأتمتة في ابتكار بيئات تتسم بالكفاءة من حيث استهلاك الطاقة والمياه وتلبي احتياجات مستخدميها دون تجاوز الميزانيات المحددة.

كما يبحثون في قدرة البرمجيات الذكية على اختبار خيارات التصميم بسرعة لتحديد الحلول الكفيلة بخفض التكاليف وتقليل الأثر البيئي. وتتناول جلسات إضافية دور الابتكار والتعاون وسلاسل التوريد المرنة في دعم جهود بناء المستقبل الحضري المستدام.

ومن جانبه، قال شيام بارمر، مدير القمة العالمية لطاقة المستقبل: "تجمع القمة العالمية لطاقة المستقبل مجموعة من ألمع العقول في مشهد الطاقة العالمي، مما يعزز دورها الرائد في تحقيق الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي بهدف تحسين كفاءة الطاقة في المنازل والشركات وتسريع التقدم المحرز في جميع مفاصل منظومة الطاقة النظيفة والاستدامة".

وأضاف: " تقدم منطقة فيوز إيه آي ومؤتمر الذكاء الاصطناعي منصة متفردة لتبادل المعارف والتعاون والحوار المباشر حول سُبل الاستخدام المسؤول والفعّال للذكاء الاصطناعي. وتتسم هذه الحوارات بأهمية كبيرة لتطوير أجندة الذكاء الاصطناعي وضمان قدرة الشركات على الاستفادة من إمكاناتها الكاملة بما يواكب طموحاتها في مجال الطاقة النظيفة. وبدورنا، نحرص على تعزيز هذا الحوار لنُسهم في ترجمة الابتكار إلى واقع فعلي، وتحويل الأفكار الطموحة إلى نتائج ملموسة تمضي بالعالم نحو مستقبل يتمحور حول الطاقة المستدامة".

رغم الإمكانات التحويلية الواضحة للذكاء الاصطناعي، تشير التقديرات الموثوقة إلى إمكانية نمو استهلاك الكهرباء المرتبط بالذكاء الاصطناعي بنسبة تصل إلى 50% سنوياً بين عامي 2023 و2030، بالإضافة إلى توقعات بنمو الطلب على الكهرباء في مراكز البيانات من 1% من إجمالي الطلب العالمي على الطاقة في عام 2022 إلى أكثر من 3% بحلول عام 2030.

وأعلنت كُلٌّ من شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" وشركة مياه وكهرباء الإمارات في يناير/كانون الثاني 2025، عن إطلاق أول وأكبر مشروع طاقة متجددة من نوعه على مستوى العالم، والذي يجمع بين الطاقة الشمسية ونظام بطاريات التخزين في أبوظبي، ويوفر ما يصل إلى واحد غيغاواط من طاقة الحمل الأساسي النظيفة يومياً.

وأشار تقرير رؤى الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا لعام 2025 إلى قدرة مثل هذه المشاريع على تغيير سُبل إمداد أنظمة الذكاء الاصطناعي الحيوية بالطاقة، بما يلغي الحاجة لتوفير مخزون احتياطي من الوقود الأحفوري، إذ يمكن لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي عند ربطها بمصادر الطاقة النظيفة العمل دون إصدار أي انبعاثات كربونية، ما يمثل خطوة مهمة نحو رسم ملامح مستقبل رقمي أكثر استدامة.

وإلى جانب ذلك، تبحث القمة في آليات التعامل مع أثر الذكاء الاصطناعي من حيث استهلاك الطاقة من خلال جلسة حوارية مخصصة للاستراتيجيات العملية لمواءمة نمو الذكاء الاصطناعي مع الأهداف المناخية، وتحقيق توازن استهلاك الطاقة، وتعزيز الابتكار المستدام مع ضمان قابلية الاستخدام.

وبدوره، قال مهدي أجانا، رئيس الاستراتيجية في شركة نبات: "يتوسع دور الذكاء الاصطناعي في أنظمة المناخ والبيئة بسرعة، وأصبح فهم كيفية توجيه هذا النمو مهماً بقدر أهمية تطوير التكنولوجيا نفسها. وفي القمة العالمية لطاقة المستقبل، سنبحث في أساليب عملية قائمة على البيانات، بدءاً من تحسين دقة نماذج تصنيف المواطن وتقييم حالتها الصحية، ووصولاً إلى مراقبة مؤشرات الكربون والتنوع البيولوجي التي تساعد على مواءمة الابتكار في الذكاء الاصطناعي مع نتائج مناخية قابلة للقياس".

وأضاف: "تمثل القمة فرصة رائعة لالتقاء مؤسسات تمتلك رؤى متماثلة، للاستماع والتعلّم واستكشاف ما هو ممكن، وفهم كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي بمسؤولية لتسريع التقدم الحقيقي نحو أهداف الاستدامة العالمية".

وتبحث دورة عام 2026 من القمة العالمية لطاقة المستقبل أيضاً في دور الذكاء الاصطناعي في قطاعات الرعاية الصحية والأمن الغذائي ونمذجة الطقس من خلال عرض تقديمي رئيسي حول مختبر "إيرث-2"، الحل الذي يشكل ثمرة التعاون بين جي 42 وإنفيديا، ويقدم نموذجاً لتوقُّعات الطقس بدقة كيلومتر مربع لتحسين دقة رصد التوقُّعات الجوية.

ويوفر الحل الرائد خدمة قيّمة للمزارعين ومخططي الزراعة الذكية، ويتيح لهم اتخاذ قرارات مدروسة حول اختيار المحاصيل وإنتاجيتها المتوقعة وإجراءات الحفاظ عليها.