الشام الجديد

غياب رئيس الأركان يثير جدلاً واسعاً في إسرائيل

الأربعاء 26 نوفمبر 2025 - 06:45 م
مصطفى سيد
الأمصار

أثار غياب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أيال زامير عن جلسة أمنية حساسة مطلع نوفمبر الجاري جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والعسكرية في دولة إسرائيل، خصوصاً أن الجلسة عُقدت بناءً على طلب مباشر من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي شدد على ضرورة حضور رئيس الأركان بصفته أحد أبرز المسؤولين الأمنيين المعنيين بملفات التقييم الاستراتيجي.

وبحسب ما أوردته وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن الجلسة التي جرت في 9 نوفمبر تناولت ملفاً وصفته المصادر بـ"الحساس"، والمتعلق بمحاولات التأثير التركية على موازين القوى في المنطقة. وقد وجّه مكتب رئيس الحكومة دعوات رسمية لحضور كبار القادة الأمنيين والسياسيين، من بينهم رئيس الأركان، نظراً لارتباط الموضوع بالسياسات الدفاعية والاستخباراتية لإسرائيل.

لكن غياب زامير عن الاجتماع أثار موجة من التساؤلات والانتقادات، خاصة بعد تسريب تقارير إعلامية تشير إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلي كان ينتظر مشاركة رئيس الأركان بشكل مؤكد، الأمر الذي اعتبره مراقبون "سابقة غير مألوفة" في منظومة الأمن القومي الإسرائيلي، وسبباً محتملاً لاحتكاك جديد بين القيادة السياسية والعسكرية.

ورغم أن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي سارع إلى تقديم تفسير رسمي، مشيراً إلى أن الغياب كان "بسبب حدث عائلي تم تنسيقه مسبقاً"، إلا أن الرواية سرعان ما تحولت إلى محور جدل جديد، بعدما كشفت وسائل إعلام إسرائيلية لاحقاً أن رئيس الأركان حضر زفاف ابنة رئيس شعبة القوى البشرية في الجيش، وليس فعالية عائلية شخصية كما ألمح البيان الأول.

هذا التناقض فُسّر على نطاق واسع داخل المشهد السياسي الإسرائيلي باعتباره "ارتباكاً في الرواية الرسمية"، بينما ربطت بعض التحليلات بين هذا الغياب وبين التوتر المتصاعد بين المؤسسة العسكرية ومكتب رئيس الحكومة، خصوصاً بعد سلسلة تقارير إسرائيلية تحدثت خلال الأسابيع الماضية عن خلافات حول إدارة الملفات الأمنية والعسكرية.

وفي محاولة لاحتواء الجدل، أصدر الجيش الإسرائيلي بياناً إضافياً أكد فيه أن غياب زامير تم "بعد إبلاغ وتنسيق مسبق" مع الجهات المعنية، نافياً وجود أي نية للتقصير أو التضليل من جانب المتحدث العسكري. كما شدد البيان على أن رئيس الأركان ملتزم بالكامل بالتنسيق مع القيادة السياسية وفق القنوات الرسمية، في إشارة واضحة لاحتواء تداعيات السجال.

ويرى محللون في الشأن الإسرائيلي أن الواقعة تعكس جانباً من التوترات المتكررة بين القيادات العسكرية والحكومة، ولا سيما في ظل الاتهامات التي توجه إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن إدارة الملفات الأمنية بطريقة مركزية تؤدي أحياناً إلى friction مع قادة الجيش. ويأتي ذلك بالتزامن مع ملفات أخرى مثيرة للجدل داخل إسرائيل، من بينها اختلافات حول إدارة العمليات الميدانية، وإعادة ترتيب مناصب قيادية داخل المؤسسة العسكرية، بالإضافة إلى القضايا السياسية والقضائية التي تحيط بنتنياهو نفسه.

وفي ضوء استمرار الأسئلة حول التزام القيادات العسكرية بتوجيهات الحكومة الإسرائيلية، يترقب المشهد السياسي مزيداً من التوضيحات من مكتب رئيس الوزراء أو الجيش، وسط تقديرات بأن المسألة لن تكون مجرد حادثة بروتوكولية، بل ربما تمثل حلقة جديدة في سلسلة الخلافات بين المستويين العسكري والسياسي خلال الفترة الأخيرة.