بدأت العلاقات المصرية والجزائرية منذ عام 1954، بعد أن ساندت ودعمت الدولة المصرية الشعب الجزائري في ثورته العظيمة للتحرر من الاستعمار الفرنسي، وقد سبب موقف مصر تجاه الجزائر تعرضها لعدوان ثلاثي، فرنسي إسرائيلي بريطاني، عام 1956.
ووفقا للدور المصري الشجاع، لم ينس الشعب الجزائري أبدًا أن مساندة مصر لثورته قد تواصلت بعد العدوان إلى أن حصل على استقلاله الذي دفع فيه ثمنا باهظا من دماء أبنائه تجاوز المليون شهيد، وفي المقابل لم ينس الشعب المصري أبدًا للجزائر وشعبها والرئيس هواري بومدين وقفته العظيمة الداعمة لمصر سياسيًا وماديًا عقب هزيمة 67
وهو الدعم الذي استمر بعد رحيل عبد الناصر وتواصل حتى حرب 1973 التي شاركت فيها قوات جزائرية وكانت الجزائر ثانى دولة من حيث الدعم خلال حرب 1973 فشاركت على الجبهة المصرية بفيلقها المدرع الثامن للمشاة الميكانيكية بمشاركة ٢١١٥ جنديا ٨١٢ صف ضباط و١٩٢ ضابطا جزائريا، وأمدت الجزائر مصر بـ ٩٦ دبابة ٣٢ آلية مجنزرة ١٢ مدفع ميدان و١٦ مدفعا مضادا للطيران وما يزيد عن ٥٠ طائرة حديثة من طراز ميج ٢١ وميج ١٧ وسوخوى ٧.
وترتبط مصر والجزائر بمساحة كبيرة جدًا من المصالح المشتركة، على كافة الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وشهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تحسنا كبيرا بعد ثورة 30 يونيو بفضل اشتراك مصر والجزائر في منظور سياسي واحد وتطابق الرؤي بين البلدين في ملفات المنطقة.. وكانت الجزائر هى أول دولة يزورها الرئيس عبد الفتاح السيسى، منذ أن جاء إلى الحكم منتخبا، في يونيو 2014 الأمر الذي أدى إلى حدوث تطور إيجابي كبير في علاقات البلدين.
وقد استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس، سيفي غريب، الوزير الأول للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وذلك بحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء ووفدي البلدين.
وتم خلال اللقاء التأكيد على الطابع الاستراتيجي للعلاقات بين مصر والجزائر، وما يجمع البلدين الشقيقين من روابط تاريخية راسخة، مشيداً بما تشهده العلاقات الثنائية من تطور وزخم متزايد خلال السنوات الأخيرة.
كما طلب الرئيس السيسي نقل تحياته إلى أخيه الرئيس عبد المجيد تبون، معرباً عن تمنياته للجزائر الشقيقة بدوام التقدم والازدهار.
من جانبه، نقل الوزير الأول الجزائري تحيات الرئيس تبون إلى الرئيس، مؤكداً على التقدير الكبير الذي يحظى به الرئيس لدى الرئيس تبون، وحرص الجزائر على مواصلة العمل مع مصر للبناء على ما تم الاتفاق عليه بين الرئيسين خلال زيارة الرئيس الجزائري إلى مصر في أكتوبر 2024، بما يعزز التعاون الثنائي بين البلدين، كما وجه الوزير الأول الجزائري التهنئة إلى مصر بمناسبة افتتاح المتحف المصري الكبير، وعلى انتخاب الدكتور خالد العناني كمدير عام لليونسكو.

وقد عكس اللقاء توافقاً مشتركاً حول أهمية مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، بما يشمل الزراعة والصناعة والتعليم والطاقة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إلى جانب تكثيف التشاور والتنسيق السياسي إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك، سواء على المستوى الثنائي أو في إطار المنظمات والمؤسسات الإقليمية والدولية.
واليوم، عقدت اللجنة العليا المشتركة بين مصر والجزائر اجتماعها التاسع بالقاهرة برئاسة وزيرة التخطيط المصرية الدكتورة رانيا المشاط، ووزير الصناعة الجزائري السيد يحيى بشير.
وتهدف اللجنة إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين، ومتابعة تنفيذ الاتفاقيات الموقعة سابقًا.
استعرض الاجتماع نتائج اللقاءات التحضيرية التي جرت على مدى يومين بين كبار المسؤولين من كلا الجانبين، وأُعلن التوصل إلى توقيع 18 وثيقة تعاون تشمل مجالات الزراعة، الإسكان، الكهرباء، التنمية المحلية، حماية المستهلك، الثقافة، التعليم، الصحة، السياحة، والوظيفة العامة، من بين مجالات أخرى.
وتم التركيز على تعزيز التكامل الاستثماري بين مصر والجزائر من خلال دعم مشاركة القطاع الخاص، وتسهيل مشاركة الشركات المصرية في مشروعات تنموية بالجزائر، خصوصًا في قطاعات البنية التحتية والطاقة والمقاولات. كما ناقشت اللجنة وضع آليات متابعة تنفيذ الاتفاقيات وتحويلها إلى مشاريع ملموسة.
وفي إطار متصل، عقدت أول لجنة فنية مشتركة بين الجانبين، ضمت ممثلين من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المصرية (GAFI) والوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، بهدف تطوير بيئة الاستثمار، تبسيط الإجراءات، وتحسين الخدمات المقدمة للمستثمرين من البلدين.
كما تم الاتفاق على عقد الاجتماع الثاني للجنة الفنية في الجزائر خلال عام 2026 لمتابعة التقدم في تنفيذ الاتفاقيات، وضمان استمرارية التعاون بين الطرفين.
ويأتي هذا الاجتماع في سياق جهود البلدين لتعزيز العلاقات الثنائية، وفتح آفاق جديدة للاستثمار المشترك، بما يسهم في دفع التنمية الاقتصادية وتطوير مشروعات استراتيجية تخدم مصالح شعبيهما.