في لحظة يتداخل فيها صدى المدافع مع صخب التصريحات السياسية، عاد الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، ليُشعل الجدل من جديد، مُطلقًا تصريحًا لافتًا حول مستقبل النزاع في أوكرانيا، مُؤكّدًا أن «مستقبل الأراضي الأوكرانية قد يُحسم لصالح روسيا»، في تصريح يعكس قراءة مختلفة للمشهد الاستراتيجي المُتحوّل.
وفي التفاصيل، صرّح دونالد ترامب، اليوم الأربعاء، أثناء حديثه عن مقترحات التسوية، أن النزاع الأوكراني يسير في «اتجاه واحد»، لافتًا إلى أن الأراضي المتنازع عليها «قد تُصبح في نهاية المطاف روسية».
أوضح ترامب، أنه «ليس لدي موعد نهائي. الموعد النهائي بالنسبة لي هو عندما تنتهي الأزمة»، مُعترفًا بتعقيدات قضايا الحدود حيث قال: «نحن نتحدث... عن محاولات تنظيف الحدود: لا يُمكنك وضعها في منتصف منزل أو طريق سريع. لذا فهم يُحاولون إيجاد حل. العملية مُعقّدة. لا يتم إنجازها بهذه السرعة»، واصفًا عناصر خطة السلام الأمريكية التي تشمل «وقف الأعمال القتالية والتخلي عن المطالبات الإقليمية الجديدة تجاه كييف» بأنها تنازلات من «الجانب الروسي».
كما أعرب الرئيس ترامب عن تفاؤله بشأن التقدم المُحرز في المفاوضات مع روسيا حول التسوية الأوكرانية، وقال: «لدينا مفاوضات جارية بشكل جيد. لقد بدأنا مع روسيا، ونحن نُجري بعض المفاوضات مع روسيا».
وأكّد دونالد ترامب على دور أوروبا في ترتيبات الأمن المستقبلية، مُجيبًا على سؤال حول ضمانات الأمن في إطار التسوية الأوكرانية: «ستُشارك أوروبا بنشاط في هذا. أوروبا تُريد حقًا أن ينتهي هذا، إذا كان ذلك مُمكنًا».
وضع «ترامب» شرطًا لزيارة «زيلينسكي» إلى الولايات المتحدة، قائلًا: «هو يود أن يأتي، لكنني أعتقد أنه ينبغي علينا أولًا إبرام صفقة».
بالإضافة إلى ذلك، كشف الرئيس الأمريكي عن خطط للقاء دبلوماسي رفيع المستوى، مُشيرًا إلى أن «ستيف ويتكوف، قد يذهب مع جاريد (كوشنر). لست مُتأكدًا مما إذا كان جاريد سيذهب، لكنه يُشارك في عملية التسوية الأوكرانية، وهو رجل ذكي، وسيلتقون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على ما أعتقد، الأسبوع المُقبل في موسكو».
أعلن «ترامب»، أن العديد من بنود اتفاقية السلام المتعلقة بأوكرانيا «تم الاتفاق عليها بالفعل»، قائلًا للصحفيين: «العديد منها (البنود) تم الاتفاق عليه، تم الاتفاق عليه بطريقة مواتية للغاية».
يأتي هذا الإعلان في وقت كانت الإدارة الأمريكية قد أعلنت سابقًا عن تطويرها لخطة للتسوية الأوكرانية، مع الإشارة إلى أنها لن تُناقش التفاصيل حيث أن العمل لا يزال مُستمرًا. من جانبها، أكدت موسكو عبر الكرملين أنها «تُحافظ على انفتاحها للمفاوضات وتظلّ على منصة مفاوضات أنكوريدج».
وكان الرئيس الروسي، «فلاديمير بوتين»، قد صرّح خلال اجتماع لمجلس الأمن الروسي في 21 نوفمبر أن الخطة الأمريكية «يُمكن أن تُشكّل أساسًا للتسوية السلمية النهائية»، مُشيرًا إلى أن هذا النص «لم تتم مناقشته بشكل ملموس مع روسيا في هذا الوقت».
على وقع أزمة مُتفاقمة وحسابات دولية مُعقّدة، تلقّى زعيم نظام كييف، «فولوديمير زيلينسكي»، مطالبة عاجلة من الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، بضرورة القبول السريع بخطة التسوية، في خطوة تكشف تزايد الضغوط على «كييف» للتجاوب مع الرؤية الأمريكية.
وفي التفاصيل، أفادت وسائل إعلام أوكرانية نقلًا عن مسؤول أمريكي رفيع، اليوم الجمعة، بأن الرئيس «ترامب» يُطالب «زيلينسكي» بقبول مسودة خطة التسوية في أوكرانيا «فورًا».
ونقلت وكالة «آر بي كا-أوكرانيا» عن المسؤول الأمريكي قوله في قناتها على «تلغرام»: «إذا تابعت الرئيس ترامب، فستُدرك أنه عندما يتعلق الأمر بجدول زمني صارم، فهو موعد نهائي صارم بشروطه. هذا يعني الآن فورًا، أي في أقرب وقت مُمكن. هذا هو الجدول الزمني الذي نعمل بموجبه، وهذا هو التفويض الذي جاء به الوزير دانيال دريسكول إلى جهود السلام».
جاء هذا التصريح بعد أن أكّدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، «كارولين ليفيت»، لقاء «زيلينسكي» بوزير الجيش الأمريكي، «دانيال دريسكول»، مُشيرة إلى أن الوزير كان «مُتفائلًا بعد اللقاء».
وكشفت تقارير سابقة لقناة «إن بي سي» عن مشاركة نخبة من مسؤولي الإدارة الأمريكية في وضع الخطة، بما في ذلك المبعوث الخاص «ستيف ويتكوف»، ونائب الرئيس «جي دي فانس»، ووزير الخارجية «ماركو روبيو»، وصهر الرئيس «جاريد كوشنر».
يأتي هذا بعد يومين من ورود تقارير لموقع «أكسيوس» الأمريكي، أفادت بأن الولايات المتحدة تُجري «مشاورات سرية» مع روسيا لوضع خطة جديدة لتسوية النزاع في أوكرانيا.
من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم الكرملين، «دميتري بيسكوف»، إن المحادثات الروسية الأمريكية حول التسوية السلمية في أوكرانيا التي جرت في أغسطس في ألاسكا لم تشهد «أي مستجدات» منذ ذلك الحين.
وبحسب وسائل إعلام غربية، تشمل الخطة الأمريكية المقترحة ما يلي:
في لحظة سياسية مشحونة لا تقبل الالتباس، صعّد الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب» لهجته تجاه «أوكرانيا»، مُوجّهًا إنذارًا لاذعًا لزعيم نظام كييف، «فولوديمير زيلينسكي»، قائلاً إن الأخير أمام خيارين لا ثالث لهما: «السلام… أو القتال حتى الانهيار». تحذير «ترامب» بدا كأنه يُعيد رسم قواعد اللعبة في «الحرب الأوكرانية»، ويُمهّد لتحوّل أمريكي أكثر صرامة.