المغرب العربي

تونس تتجاوز إرث الإخوان وتحقق استقرارًا أمنيًا بعد جراح 2015

الإثنين 24 نوفمبر 2025 - 08:35 م
هايدي سيد
الأمصار

بذكرى مؤلمة لكنها محورية في تاريخها الحديث، إذ تحلّ هذه الذكرى بعد عقد كامل على الهجوم الإرهابي الذي استهدف حافلة الأمن الرئاسي عام 2015، وأسفر عن مقتل 12 عنصرًا من قوات الأمن وإصابة 20 آخرين، بالإضافة إلى إصابة أربعة مدنيين، فيما لقي منفذ الهجوم حتفه أيضًا. 

آنذاك، كانت البلاد غارقة في فوضى أمنية وعجز مؤسسات الدولة عن مواجهة التمدد الإرهابي، خصوصًا تحت حكم حركة النهضة الإخوانية وحلفائها، الذي شهد ارتخاءً أمنيًا وتسامحًا مع الخطابات المتطرفة.

اليوم، تبدو تونس مختلفة تمامًا. الدولة التي عانت لعقود من الإرهاب بدأت تعيد بناء مؤسساتها الأمنية والعسكرية، وتثبت جدارتها في حماية المواطنين ومؤسسات الدولة. ويعكس الوضع الحالي تحسّنًا ملموسًا في الأمن، حيث لم تشهد البلاد أي هجوم إرهابي خلال العام الجاري، وأكدت الأجهزة الأمنية اختفاء فلول التنظيمات المتشددة التي كانت ناشطة منذ عام 2011.

وأشار وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي إلى أن الوضع الأمني مستقر نسبيًا، رغم التوترات الإقليمية والعالمية. وقال إن القوات العسكرية والأمنية ساهمت بشكل كبير في استباق الهجمات، وتجفيف منابع الإرهاب عبر عمليات استهداف المسالك الوعرة في جبال الشعانبي وسمامة والمغيلة والسلوم، المتاخمة للحدود الجزائرية، ما ساعد في شل تحركات العناصر الإرهابية. وأضاف الوزير خلال جلسة عامة في البرلمان التونسي أن الجهود الأمنية مستمرة لتعزيز الاستقرار وحماية الوطن من أي تهديد محتمل.

وأكد الناشط السياسي خالد بن طاهر أن تونس دفعت ثمنًا باهظًا خلال العقد الماضي نتيجة الإهمال الأمني خلال حكم الإخوان، حيث شهدت البلاد اغتيالات سياسيين بارزين مثل شكري بلعيد ومحمد البراهمي ولطفي نقض، إضافة إلى هجمات استهدفت رجال الشرطة والسياح الأجانب. لكن السنوات الأخيرة أظهرت قدرة الدولة على اقتلاع الإرهاب من جذوره، وتحقيق إنجاز أمني ملموس يضع تونس على مسار استعادة سيادتها الوطنية.

وفي أبريل الماضي، أكد العميد عماد مماشة، المتحدث باسم الإدارة العامة للأمن الوطني التونسي، أن البلاد آمنة، وأن فلول الجماعات الإرهابية لم تعد موجودة، داعيًا المواطنين إلى اليقظة والإبلاغ عن أي تهديدات لضمان أمن البلاد.

تونس اليوم تسعى لتجاوز إرث الإخوان وتثبيت الأمن الوطني، لتصبح الدولة أكثر استعدادًا لمواجهة التحديات المستقبلية، بما يعكس نضجها السياسي والأمني بعد سنوات من العنف والفوضى التي شهدتها منذ 2011، محققة بذلك نموذجًا يحتذى به في المنطقة لمكافحة الإرهاب واستعادة استقرار الدولة.