شهدت المناطق الشرقية في ليبيا حملة أمنية موسعة أسفرت عن تفكيك تشكيل عصابي متورط في الاتجار بالبشر وتحرير 47 مهاجراً من الجنسية المصرية كانوا محتجزين في أوضاع لا إنسانية داخل أوكار تستخدمها شبكات تهريب البشر. وتأتي هذه العملية في وقت تؤكد فيه تقارير محلية ودولية وجود “تدفق واسع” لمهاجرين غير نظاميين إلى السواحل الليبية بهدف العبور بحراً نحو أوروبا.
وقال مصدر أمني ليبي مقرّب من سلطات شرق ليبيا، في تصريح لصحيفة عربية، إن عمليات تهريب المهاجرين عبر الأراضي الليبية “تزايدت خلال الأشهر الأخيرة بشكل لافت”، رغم الجهود الأمنية الواسعة التي تبذلها الأجهزة المختصة في كل من الشرق والغرب؛ مؤكداً أن العديد من البلدان المصدّرة للهجرة مطالَبة بالتحرك لمنع انتقال مواطنيها إلى الحدود الليبية عبر طرق غير شرعية.
وكشفت مديرية أمن أجدابيا في شرق ليبيا أنها نفذت عملية نوعية مساء الأحد عقب تلقي بلاغ من شاب مصري تمكن من الهروب من أحد أوكار العصابة.
وقالت المديرية إن الشاب الذي يبلغ بداية العقد الثالث ظهر مرهقاً ومذعوراً وأبلغ الشرطة بأن مجموعة من المصريين والليبيين عرضوا عليه تهجيره بحراً إلى إيطاليا مقابل مبلغ مالي، ليتبين لاحقاً أنهم شبكة لخطف وابتزاز المهاجرين.
وأوضحت مديرية الأمن أنها تمكنت من مداهمة منزل قديم كان يُستخدم كموقع احتجاز، حيث تم ضبط أحد أفراد الشبكة متلبساً. وأسفرت المداهمة عن تحرير 14 مهاجراً مصرياً كانوا يعيشون في ظروف قاسية للغاية من سوء التغذية، والتعذيب، ونقص الرعاية.
ووفق التحقيقات الليبية، اعترف المتهم المقبوض عليه—وهو مصري يبلغ 30 عاماً—بوجود شبكة مشتركة من ليبيين ومصريين تعمل في الخطف، والابتزاز المالي، وإيواء المهاجرين غير الشرعيين، مضيفاً أن قائد العصابة ليبي محكوم بالإعدام يدير العمليات من موقع غير معروف.
وأشار المتهم إلى وجود وكر آخر للشبكة، لتتم مداهمته والعثور على 33 مصرياً محتجزين داخل جراج ضيق بلا تهوية أو إنارة، في أوضاع وصفتها السلطات بأنها “مأساوية”.
وأكدت مديرية أمن أجدابيا أنها ستواصل حملاتها ضد شبكات الاتجار بالبشر ولن تتهاون مع أي نشاط إجرامي يستهدف المهاجرين أو يستغل الأراضي الليبية لأغراض غير قانونية.
وفي سياق متصل، أعلنت مديرية أمن صبراتة في غرب ليبيا أنها داهمت وكراً آخر للاتجار بالبشر، وضبطت عدداً من المهاجرين إلى جانب قارب حديث الصنع كان معدّاً لتهريبهم عبر البحر. وتم تسليم المضبوطات إلى قسم البحث الجنائي لاستكمال الإجراءات.

من جانبها، كشفت النيابة العامة الليبية برئاسة المستشار الصديق الصور أنها فتحت دعوى جنائية ضد أعضاء تشكيل عصابي متورط في استيراد 200 قارب استُخدمت لتسهيل الهجرة غير النظامية منذ عام 2023.
وأكدت النيابة أن “إدارة المهام الخاصة” بوزارة الداخلية عثرت على القوارب داخل 59 حاوية في ميناء مصراتة، ما أدى إلى توقيف المتهمين وحبسهم احتياطياً مع إصدار أوامر بضبط بقية أفراد الشبكة.
وكانت النيابة قد أعلنت في وقت سابق تفكيك شبكة لصناعة القوارب المخصّصة للتهريب في مصراتة، وضبط 6 قوارب جاهزة و12 تحت التصنيع.
مؤشرات متزايدة على أزمة إنسانية
وتبرز القضية الجديدة حجم المخاطر التي يتعرض لها المهاجرون غير النظاميين، خصوصاً أولئك الذين يسعون للوصول إلى أوروبا عبر ليبيا، حيث تنتشر شبكات تهريب تستغل الظروف الاقتصادية الصعبة للمهاجرين وتورطهم في عمليات ابتزاز وعنف ممنهج.