جيران العرب

زيلينسكي يرفض التنازلات وترامب يلمح لتقدم في محادثات أوكرانيا

الإثنين 24 نوفمبر 2025 - 06:17 م
هايدي سيد
الأمصار

تشهد مساعي السلام الخاصة بالأزمة الأوكرانية حالة من التوتر المتصاعد، بعدما تباينت المواقف بين أوكرانيا والولايات المتحدة بشأن فحوى المحادثات الأخيرة التي جرت في مدينة جنيف السويسرية. ففي الوقت الذي عبّر فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تفاؤل حذر بإمكانية تحقيق تقدّم، شدّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على رفض بلاده القاطع لأي تسوية تتضمن التنازل عن أراضٍ لصالح روسيا، مؤكداً أنّ السيادة الأوكرانية خط أحمر لا يقبل المساومة.

وخلال رسالة مسجلة وُجّهت إلى مؤتمر استضافته السويد، أكد الرئيس الأوكراني أن “المشكلة الرئيسية” التي تعيق محادثات السلام تتمثّل في مطلب موسكو الحصول على اعتراف قانوني بسيطرتها على المناطق التي دخلتها منذ اندلاع الحرب. وقال زيلينسكي إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “يريد اعترافاً بما سرقه”، مشدداً على أن “الحدود لا يمكن تغييرها بالقوة”.

وتأتي تصريحات زيلينسكي في ظل جدل واسع حول الخطة الأولية للسلام التي اقترحتها الولايات المتحدة وتضم 28 نقطة. وقد حظيت الخطة بانتقادات قوية داخل أوروبا، إذ يرى عدد من العواصم الأوروبية أنها “تميل لصالح موسكو” وتتضمن تنازلات ميدانية ليست في صالح كييف.

من ناحيته، أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى احتمال وجود انفراجة عقب المباحثات التي جمعت وفدين من الولايات المتحدة وأوكرانيا في جنيف. وقال ترامب في تصريح مقتضب في واشنطن: “لا تصدّقوه حتى تروه، لكن قد يكون هناك شيء جيد يحدث الآن”.

وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية أن الفريق الأمريكي قدّم بالفعل “تعديلات وتوضيحات” على الخطة، في محاولة لمعالجة مخاوف كييف والدول الأوروبية بشأن البنود المتعلقة بالسيادة الأوكرانية ومستقبل المناطق الحدودية.

وفي الداخل الأوكراني، ما زالت حالة الانقسام واضحة. فقد تحدّثت تقارير إعلامية مع جنود على خطوط القتال شرقي البلاد، حيث وصف بعضهم الخطة بأنها “مهينة” لأنها تمنح روسيا مكاسب ميدانية بعد الحرب، فيما رأى آخرون أنها “قد تكون خطوة ضرورية” إذا كانت ستقود إلى إنهاء القتال الذي استمر لأشهر طويلة وسبب خسائر بشرية واقتصادية كبيرة.

هذا التضارب في المواقف يعكس حالة الإرهاق التي يعيشها المجتمع الأوكراني، إضافة إلى الخوف من أن أي تنازل مهما كان بسيطاً قد يفتح الباب أمام مطالبات روسية جديدة في المستقبل.

على الجانب الروسي، لم تعلن الحكومة أي موقف رسمي تجاه التعديلات الأمريكية الجديدة. وأكدت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو “لم تتلقَّ بعد” النسخة المحدّثة من الخطة، ما يشير إلى استمرار الغموض حول مدى قبول الكرملين لأي مقترحات جديدة.

ويرى محللون في أوروبا أن صمت روسيا قد يكون جزءاً من استراتيجية تفاوضية تهدف إلى الضغط على كييف والولايات المتحدة، خصوصاً أن الخطة الأمريكية تضم نقاطاً تتعلق بإعادة الانتشار ووقف إطلاق النار ومراقبة دولية للحدود.

وبين الرفض الأوكراني والرسائل الأمريكية المتفائلة، تبدو مفاوضات السلام أمام منعطف صعب. فكييف تتمسك بسيادتها وترفض الاعتراف بأي تغييرات فرضتها روسيا بالقوة، بينما ترى الولايات المتحدة أن “نافذة صغيرة من الأمل” ما زالت قائمة لإنهاء النزاع.

ومع استمرار غياب الرد الروسي، يبقى مستقبل الخطة مرتبطاً بما ستسفر عنه الجولات الدبلوماسية المقبلة، وما إذا كانت الأطراف الثلاثة—أوكرانيا، الولايات المتحدة، وروسيا—قادرة على تجاوز الخلافات العميقة والوصول إلى تسوية تُنهي الحرب دون المساس بحقوق الدول وسيادتها.