انطلقت صباح اليوم المرحلة الثانية من انتخابات مجلس الشعب المصري في عدد من المحافظات، حيث فتحت اللجان الانتخابية أبوابها أمام المواطنين في التاسعة صباحًا للإدلاء بأصواتهم في جولة تُعد من أهم الجولات الانتخابية هذا العام، نظرًا لما تتضمنه من دوائر ذات ثقل انتخابي وسياسي مؤثر في تشكيل الخريطة البرلمانية المقبلة.

وتشمل المرحلة الثانية محافظات: القاهرة، القليوبية، الدقهلية، الشرقية، المنوفية، كفر الشيخ، بني سويف، شمال سيناء وجنوب سيناء، بالإضافة إلى عدد من المراكز والمدن التي تضم كثافة تصويتية كبيرة، وأخرى ذات طبيعة اجتماعية وقبلية تتسم بالتنافس الحاد بين المرشحين. وتشير تقديرات أولية إلى أن عدد الناخبين في هذه الجولة يتجاوز عدة ملايين، ما يعكس حجم التحديات التنظيمية التي تواجهها الهيئة الوطنية للانتخابات والأجهزة المعنية.
ورصدت غرف العمليات المركزية إقبالًا ملحوظًا منذ اللحظات الأولى لفتح اللجان، حيث اصطف الناخبون في طوابير منتظمة أمام عدد كبير من المقار، وسط وجود واضح للمرأة والشباب. وتفاوتت نسب الإقبال بين المحافظات، إذ شهدت المناطق الريفية حضورًا مكثفًا، بينما ظهر الإقبال تدريجيًا في المناطق الحضرية مع مرور الساعات. وأكد مراقبون أن الحضور في اليوم الأول من هذه المرحلة يعد مؤشرًا إيجابيًا على وعي الناخبين ورغبتهم في المشاركة في اختيار ممثليهم.

من جانبها، أوضحت الهيئة الوطنية للانتخابات أن جميع اللجان جهّزت بكافة المستلزمات الانتخابية، كما تم التأكد من حضور القضاة المشرفين في مقار الاقتراع قبل بدء التصويت، إلى جانب فرق الاحتياطي التي تم تخصيصها لأي طارئ. ووفقًا للهيئة، تم الالتزام الكامل بالإجراءات الوقائية داخل اللجان، بما في ذلك توفير الكمامات، وتحديد مسارات دخول وخروج، وتنظيم حركة الناخبين لضمان الانسيابية وتقليل التكدس.
وأشارت الهيئة إلى تدشين خطط متابعة لحظية عبر غرف عمليات مركزية وفرعية تسمح بالتدخل السريع لحل أي مشكلات قد تطرأ خلال سير العملية، سواء كانت تنظيمية أو لوجستية. كما تم التنسيق مع الجهات المحلية لتسهيل وصول كبار السن وذوي الهمم إلى اللجان.
أعلنت وزارة الداخلية حالة الاستنفار الأمني في نطاق المحافظات التي تشهد التصويت، حيث نشرت قوات إضافية في محيط اللجان والشوارع المؤدية إليها، إلى جانب تفعيل كاميرات المراقبة وتعزيز الدوريات الراجلة والميتة. وأكدت الوزارة أنّ التعليمات واضحة بالتعامل الفوري مع أي محاولات لعرقلة عملية التصويت أو التأثير على إرادة الناخبين، مشيرة إلى أن الساعات الأولى لم تشهد أي حوادث تعطل سير العملية الانتخابية.
وأكدت مصادر أمنية أن الخطة تشمل أيضاً تأمين عمليات نقل صناديق الاقتراع بعد انتهاء التصويت إلى اللجان العامة، إضافة إلى تأمين محيط مراكز الفرز حتى إعلان النتائج النهائية.
وأفادت عدد من منظمات المجتمع المدني المشاركة في متابعة الانتخابات بأنها سجلت انتظام معظم اللجان، رغم رصد تأخيرات بسيطة ببعض المقار نتيجة أسباب تنظيمية معتادة. وأشادت المنظمات بتعاون القائمين على اللجان وتسهيلهم مهام المتابعة، كما أكدت تواجد المراقبين الدوليين في عدد من الدوائر الرئيسية.
وعلى مستوى المتنافسين، وصف عدد من المرشحين سير العملية الانتخابية في ساعاتها الأولى بـ“المنضبط”، مؤكدين ثقتهم في أن النتائج ستعكس إرادة الناخبين. وأشار البعض إلى أن المنافسة هذا العام تعتمد على البرامج والخدمات، لا سيما في ظل تزايد مطالب المواطنين بتحسين المرافق وتطوير البنية الأساسية والارتقاء بالقطاعات الخدمية.
ومن المقرر أن يستمر التصويت حتى التاسعة مساء، مع السماح للناخبين المتواجدين داخل الحرم الانتخابي بالإدلاء بأصواتهم بعد الموعد الرسمي. ووفقًا للإجراءات، ستبدأ عمليات الفرز فور إغلاق اللجان، لتُرسل النتائج الأولية إلى اللجان العامة، ومنها إلى الهيئة الوطنية للانتخابات التي ستتولى إعلان النتائج النهائية في المواعيد المحددة.
وتُعد هذه المرحلة محطة مهمة في تشكيل مجلس الشعب الجديد، والذي يُنتظر أن يباشر مهامه الرقابية والتشريعية خلال الفترة المقبلة، وسط توقعات بأن يكون البرلمان القادم أمام ملفات حيوية تشمل تعزيز النمو الاقتصادي، رفع مستوى الخدمات، ومتابعة تنفيذ المشروعات القومية.
وبذلك، تشكل المرحلة الثانية خطوة حاسمة في مسار الاستحقاق الانتخابي الذي تشهده مصر هذا العام، وسط آمال بأن ينعكس هذا المشهد على أداء البرلمان المقبل وفاعليته في تمثيل المواطنين وتحقيق متطلباتهم.