كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن ملامح مبادرة جديدة تهدف إلى وضع حدّ للحرب الدائرة في بلاده منذ أكثر من عامين، معلنًا عن رغبته في إنشاء قوة دولية متعددة الجنسيات تتولى الإشراف على تنفيذ بنود خطة سلام شاملة، بما في ذلك مراقبة الحدود، وتأمين المناطق المتنازع عليها، وضمان انسحاب القوات الأجنبية. وتأتي هذه الخطوة في ظل مساعٍ متزايدة من كييف لحشد دعم دولي أكبر، عقب التطورات الميدانية الأخيرة التي شهدت تصعيدًا لوتيرة العمليات العسكرية على عدة جبهات.
وأوضح الرئيس الأوكراني، خلال مؤتمر صحفي في كييف، أن الخطة المقترحة تستند إلى مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن بلاده لن تقبل بأي تسوية “تنتقص من وحدة الأراضي الأوكرانية أو من حق الشعب الأوكراني في تقرير مصيره”. وقال إن تشكيل قوة دولية سيكون بمثابة “ضمانة عملية” تحول دون تكرار الاعتداءات العسكرية، وتساعد في فرض رقابة مستقلة على أي اتفاق مستقبلي لوقف إطلاق النار.
وأشار زيلينسكي إلى أنه عرض تفاصيل المبادرة الجديدة على عدد من القادة، من بينهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني، إلى جانب قادة آخرين من الاتحاد الأوروبي.

وأعرب عن أمله في أن تحظى المبادرة بدعم واسع، مشددًا على أن الاستقرار الإقليمي في أوروبا “مرهون بانتهاء الحرب بصورة عادلة ومستدامة”.
وفي السياق ذاته، نقلت مصادر دبلوماسية أن واشنطن تدرس جوانب الخطة الأوكرانية، في الوقت الذي يجري فيه البيت الأبيض اتصالات مباشرة مع كلّ من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني؛ في محاولة لتمهيد الطريق أمام مفاوضات جادة توقف نزيف الحرب. وأكدت المصادر أن الإدارة الأمريكية تبحث إمكانية الإشراف على القوة الدولية بالتنسيق مع حلف شمال الأطلسي، في حال موافقة الأطراف المعنية على إطار العمل المقترح.
من جانب آخر، عبّرت موسكو عن تحفظات أولية على مشروع القوة الدولية، معتبرة أن مثل هذه الخطوة قد تُفسَّر على أنها محاولة لـ“تدويل الصراع” وفرض ترتيبات أمنية لا تأخذ المصالح الروسية في الحسبان. ورغم ذلك، أشارت مصادر روسية إلى أن الكرملين مستعد لمناقشة المقترح ضمن حزمة أوسع تشمل رفع بعض العقوبات الغربية وتقديم ضمانات أمنية متبادلة.
ويرى محللون سياسيون أن مبادرة زيلينسكي تمثل محاولة متقدمة لإعادة صياغة المسار التفاوضي بعد فترة من الجمود، مؤكدين أن نجاحها يعتمد بشكل رئيسي على قدرة كييف على إقناع العواصم الكبرى بجدواها، إضافة إلى مدى استعداد موسكو لقبول دور دولي أكبر في مراقبة أي اتفاق مستقبلي.
وتشير التوقعات إلى أن الأسابيع المقبلة ستشهد اتصالات دبلوماسية مكثفة، خاصة مع رغبة عدة دول أوروبية في احتواء تداعيات الحرب على أمن الطاقة والهجرة وسلاسل الإمداد. ومع استمرار الغموض بشأن الموقف الروسي النهائي، يبقى تنفيذ خطة الرئيس الأوكراني رهن المفاوضات والتفاهمات السياسية التي قد تتشكل خلال الفترة المقبلة.