دراسات وأبحاث

جولة جديدة لحرب المسيرات الليلية.. روسيا تسقط 75 طائرة أوكرانية

الأحد 23 نوفمبر 2025 - 12:14 م
مريم عاصم
الأمصار

أعلنت روسيا أنها تصدت لهجمات أوكرانية باستخدام 75 طائرة مسيرة.

 

وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان: "اعترضت منظومات الدفاع الجوي ودمرت 75 طائرة مسيرة أوكرانية الليلة الماضية، 36 طائرة مسيرة منها فوق البحر الأسود، و10 فوق جمهورية القرم، و9 فوق مقاطعة بريانسك، و7 فوق مقاطعة فورونيج، و4 فوق مقاطعة كراسنودار، وثلاث فوق مقاطعة سمولينسك، واثنتان فوق كل من مقاطعتي موسكو وبيلغورود، وطائرة مسيرة واحدة فوق مقاطعة كالوغا، وطائرة مسيرة وأخرى فوق مقاطعة ريازان".

وتستهدف القوات المسلحة الأوكرانية، بشكل شبه يومي، المناطق الروسية بالطائرات المسيرة والصواريخ.

قال حاكم منطقة موسكو أندريه فوروبيوف إن أوكرانيا قصفت محطة رئيسية للتدفئة والكهرباء في المنطقة، الأحد بطائرات مسيرة، مما أدى إلى اندلاع حريق وأجبر السلطات على تشغيل الطاقة والتدفئة الاحتياطية.

وأضاف أن طائرات مسيرة أوكرانية هاجمت محطة شاتورا للكهرباء على بعد نحو 120 كيلومترا شرقي الكرملين، الأحد.

وأضاف "دمرت قوات الدفاع الجوي بعض الطائرات المسيرة، وسقط عدد منها على أراضي المحطة، واندلع حريق في المنشأة، وتمت السيطرة عليه الآن".

وتأتي تلك التطورات العسكرية فيما تبذل الولايات المتحدة جهودا حثيثة للوصول لتوافق حول مقترحها لوقف الحرب في أوكرانيا المستمرة منذ فبراير/شباط 2022.

وسُرّبت مسودة خطة السلام الأمريكية الروسية على نطاق واسع، التي تقترح تسليم مناطق من إقليم دونباس الصناعي شرقي أوكرانيا، الخاضع للسيطرة الأوكرانية، لتصبح تحت سيطرة روسيا بحكم الأمر الواقع.

ومع خطته الجديدة المكونة من 28 نقطة لإنهاء حرب روسيا في أوكرانيا، يُعيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب طرح حجته القائلة بأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لا يملك "القوة" لمواصلة القتال، ويجب عليه التوصل إلى تسوية تميل بشدة لصالح موسكو.

تفاصيل الخطة

تتضمن الخطة 28 نقطة رئيسية، بعضها قد يكون مقبولاً لأوكرانيا. بينما تبدو نقاط أخرى غامضة وغير محددة.

وتشمل "تأكيد" سيادة أوكرانيا مع "إبرام اتفاقية عدم اعتداء شاملة بين روسيا وأوكرانيا وأوروبا"، مع "ضمانات أمنية" قوية أو موثوقة لكييف، والمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة في غضون 100 يوم.

ووفقاً للخطة، فإنه في حال غزت روسيا، أوكرانيا، فيُقترح القيام "برد عسكري حاسم ومنسق" إلى جانب إعادة فرض العقوبات وإلغاء الاتفاق.

وعلى الرغم من أن الانتخابات مستحيلة في أوكرانيا بسبب سريان الأحكام العرفية، إلا أنه من الناحية النظرية يمكن إجراؤها إذا وُقّع اتفاق سلام.

أما بالنسبة للضمانات الأمنية، فلا توجد تفاصيل حول من سيقدمها ومدى متانتها. وهذا لا يرقى إلى مستوى التزام المادة الخامسة على غرار حلف شمال الأطلسي بالتعامل مع الهجوم على أوكرانيا باعتباره هجوماً على الجميع. تريد كييف أكثر من مجرد وعد غامض إذا ما وافقت على التوقيع.

تسليم أراضي أوكرانية وتقليص القوات المسلحة
 

من بين المقترحات الأكثر إثارة للجدل تسليم أوكرانيا لأراض غير محتلة وخفض حجم قواتها المسلحة.

وجاء في مسودة الخطة: "ستنسحب القوات الأوكرانية من الجزء الذي تسيطر عليه حالياً من منطقة دونيتسك، وستعتبر منطقة الانسحاب هذه منطقة عازلة محايدة منزوعة السلاح، ومعترف بها دولياً كأراضي تابعة للاتحاد الروسي. القوات الروسية لن تدخل هذه المنطقة منزوعة السلاح".

والتخلي عن أراضٍ يعيش فيها ما لا يقل عن ربع مليون أوكراني ــ مدن "حزام الحصن" في دونيتسك، سلوفيانسك، وكراماتورسك، ودروزكيفكا ــ لن يكون مقبولاً بالنسبة لمعظم الأوكرانيين.

وأمضت روسيا أكثر من عام كامل في محاولة السيطرة على بلدة بوكروفسك، ومن غير المرجح أن تسلم أوكرانيا مثل هذه المراكز الاستراتيجية المهمة دون قتال.

"سيُحدد عدد القوات المسلحة الأوكرانية بـ 600 ألف جندي".

وعدد أفراد الجيش الأوكراني قُدر في يناير/كانون الثاني الماضي بنحو 880 ألف جندي نشط، ارتفاعاً من 250 ألفاً في بداية الغزو في فبراير/شباط 2022.

ورغم أن 600 ألف جندي قد يبدو رقماً مقبولاً في زمن السلم، إلا أن هذا النوع من القيود من شأنه أن ينتهك السيادة الأوكرانية. وقد يكون هذا أيضاً رقماً كبيراً جداً بحيث لا تقبله روسيا.

وقال مندوبة أوكرانيا، كريستينا هايوفيشين، لمجلس الأمن الدولي: "خطوطنا الحمراء واضحة ولا تتزعزع"، مضيفة: "لن يكون هناك أبداً أي اعتراف رسمي أو غير ذلك بالأراضي الأوكرانية التي يحتلها الاتحاد الروسي مؤقتاً باعتبارها روسية. لن تقبل أوكرانيا أي قيود على حقوقها في الدفاع عن النفس أو على حجم أو قدرات قواتنا المسلحة".

وتقترح الخطة أيضاً "الاعتراف بشبه جزيرة القرم ولوغانسك ودونيتسك كأراضٍ روسية بحكم الأمر الواقع، بما في ذلك من قبل الولايات المتحدة".

وبمعنى آخر، لن تحتاج أوكرانيا والدول الأخرى إلى الاعتراف بالسيطرة الروسية بموجب القانون، وهذا من شأنه أن يمكّن كييف من قبول مثل هذه الصياغة، لأنها لن تمس بالدستور الأوكراني الذي ينص على أن حدودها "غير قابلة للتجزئة ولا يجوز انتهاكها".

وفي المناطق الجنوبية من خيرسون وزابوريجيا سيتم تجميد خطوط المواجهة، وستتخلى روسيا عن المناطق التي احتلتها في أماكن أخرى في أوكرانيا.

وتقترح الخطة التزامات مهمة بشأن المستقبل الاستراتيجي لأوكرانيا:

"توافق أوكرانيا على تضمين دستورها عدم انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ويوافق الناتو على تضمين بند في نظامه الأساسي ينص على عدم قبول أوكرانيا مستقبلاً".

"أوكرانيا مؤهلة لعضوية الاتحاد الأوروبي، وستستفيد من أفضلية في الدخول إلى السوق الأوروبية على المدى القصير ريثما يتم النظر في هذه المسألة".

وفرصة انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي في الوقت القريب ضئيلة، فيما خففت روسيا في الأشهر الأخيرة من موقفها تجاه ترشيح أوكرانيا لعضوية الاتحاد الأوروبي. ويبدو أن الوثيقة تتيح لكييف الوصول إلى أسواق الاتحاد الأوروبي بينما تتجاهل آراء 27 دولة أوروبية.

وانضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو هو جزء من دستورها، وأحد الخطوط الحمراء بالنسبة لكريستينا هايوفيشين التي قالت أمام الأمم المتحدة، الخميس: "لن نتسامح مع أي انتهاك لسيادتنا بما في ذلك حقنا السيادي في اختيار التحالفات التي نريد الانضمام إليها".

وتتضمن الخطة موافقة الناتو على عدم نشر قوات في أوكرانيا، وستتمركز طائرات مقاتلة أوروبية في بولندا. إضافة إلى أن تلتزم كييف بألا تكون "دولة حائزة على السلاح النووي".

ويبدو أن هذا الاقتراح يرفض خطط تحالف الراغبين الغربي الذي تقوده المملكة المتحدة وفرنسا لمساعدة في مراقبة تنفيذ أي اتفاق مستقبلي.

إعادة روسيا من العزلة

وتشير نقاط عدة إلى عودة روسيا من عزلتها عبر "إعادة إدماج روسيا في الاقتصاد العالمي" ودعوتها مرة أخرى إلى مجموعة الثمانية.

ويبدو أن تحقيق هذا بعيد المنال في الوقت الحالي، إذ يخضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية. وطُردت روسيا من مجموعة السبع بعد أن استولت على شبه جزيرة القرم ثم ضمتها عام 2014، وحاول ترامب إعادة بوتين إلى المجموعة بعد ست سنوات.

وإذا كانت المملكة المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان مترددة قبل الغزو، فإن فرصة حدوث ذلك الآن أقل.

ماذا عن الأصول الروسية المجمدة؟

تقترح المسودة استثمار 100 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة "في الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لإعادة الإعمار والاستثمار في أوكرانيا"، مع حصول الولايات المتحدة على 50% من الأرباح. وتضيف أوروبا 100 مليار دولار للاستثمار في إعادة الإعمار.

ويُذكر هذا بصفقة المعادن الأمريكية مع أوكرانيا في وقت سابق من هذا العام، التي استلزمت فرض ثمن أمريكي للمشاركة، كما أنها لم تترك للاتحاد الأوروبي سوى فواتير باهظة.

لكن الأموال التي ذكرتها الخطة قد لا تكون كافية، ففي وقت سابق من هذا العام، قدرت التكلفة الإجمالية لإعادة الإعمار في أوكرانيا بنحو 524 مليار دولار.

وتحتفظ شركة يوروكلير في بلجيكا بنحو 200 مليار يورو من الأصول الروسية المجمدة، ويعمل الاتحاد الأوروبي حالياً على خطة لاستخدام هذه الأموال لتمويل كييف مالياً وعسكرياً.

أما بقية تلك الأصول المجمدة فستذهب إلى "آلية استثمارية أمريكية روسية"، وفقاً للخطة، وبالتالي فإن روسيا ستشهد عودة بعض أموالها، ولكن مرة أخرى ستكون هناك فائدة مالية للولايات المتحدة.