أضرب الآلاف من الأطباء الشبان في المستشفيات العمومية وكليات الطب بتونس، اليوم الأربعاء، احتجاجًا على مماطلة السلطات في تنفيذ اتفاق موقّع في شهر يوليو الماضي بشأن زيادات في الأجور والمنح.
وشارك عدد من الأطباء المضربين في وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان، للتعبير عن رفضهم لتعثر المفاوضات الاجتماعية مع وزارة الصحة.
ويُعد هذا التحرك الأحدث في سلسلة احتجاجات مهنية تشهدها تونس بسبب الأجور والمطالب الاجتماعية، ويأتي بعد يوم واحد من إضراب آلاف العمال في القطاع الخاص بمدينة صفاقس، العاصمة الاقتصادية للبلاد، وبعد أسابيع قليلة من إضراب قطاع البنوك.
وتستعد قطاعات أخرى أيضًا للإضراب، من بينها قطاع الصحافة يوم غدٍ الخميس، وقطاع التعليم الأساسي في يناير المقبل.

وتحتج منظمة الأطباء الشبان على ما اعتبرته تراجعًا من السلطات عن بنود الاتفاق الموقع مع وزارة الصحة في 3 يوليو الماضي، والذي يتعلق أساسًا بطرق احتساب الزيادة المحدودة في المنح، وعدم صرف منح أخرى مؤجلة تعود إلى عام 2020، إلى جانب التراجع عن مطالب اجتماعية أخرى.
وقالت المنظمة في بيان احتجاجي إن هذه "التجاوزات لم تعد مجرد إخلالات إدارية أو اختلافات تقنية، بل تمثل انقلابًا صارخًا على اتفاق وطني".
وتخسر تونس آلاف الأطباء سنويًا، يفضلون الهجرة إلى الخارج بحثًا عن فرص عمل أفضل وأجور أعلى.
ويأتي تحرك الأطباء الشبان وسط توتر مستمر بين النقابة المركزية للاتحاد العام التونسي للشغل والسلطات.
وتحتج النقابة على تعطل مفاوضات الزيادات في الأجور مع الجانب الحكومي، في ظل تراجع المقدرة الشرائية، وارتفاع كلفة المعيشة، وتدني مستوى الخدمات العامة، خصوصًا في قطاعات الصحة والنقل والتعليم.
وكانت الحكومة قد كشفت في أكتوبر الماضي، عبر موازنة عام 2026، عن تخصيص نحو 344 مليون دولار لتمويل زيادات في الأجور على مدى ثلاث سنوات، بين عامي 2026 و2028.
لكن اتحاد الشغل أعلن اعتراضه على أي زيادات تُقر خارج إطار المفاوضات الاجتماعية.
وتستمر احتجاجات أهالي مدينة قابس التونسية منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بسبب التلوث الناتج عن انبعاثات المجمع الكيميائي الواقع في منطقة «غنوش»، على بعد نحو 415 كيلومتراً عن العاصمة تونس. وتأتي هذه الاحتجاجات المتكررة بعد معاناة السكان من حالات الاختناق المتكررة وأضرار بيئية تهدد صحتهم وحياتهم اليومية، وسط مطالبات مستمرة بحلول عاجلة ووضع حد للتلوث الصناعي في المنطقة.
وفي هذا السياق، حمل الرئيس التونسي قيس سعيد جماعة الإخوان مسؤولية محاولات استغلال الأزمة البيئية لتأجيج الاحتجاجات وخلق حالة من الضغط السياسي ضد الحكومة. وقال سعيد خلال إشرافه على اجتماع اللجنة المكلفة بإيجاد حلول عاجلة للوضع البيئي في قابس بقصر قرطاج، إن الدولة "لا تُدار بالتدوينات أو الأكاذيب، ولا بمن اختاروا الخيانة والعمالة"، في إشارة واضحة إلى لجان إلكترونية مرتبطة بالإخوان تعمل على تضخيم الأحداث العفوية وتحويلها إلى أداة سياسية.