يوافق التاسع عشر من نوفمبر من كل عام اليوم العالمي للرجل، وهو مناسبة دولية تحتفي بالدور الحيوي الذي يقدمه الرجال داخل الأسرة والمجتمع، وتسعى لتسليط الضوء على التحديات التي يواجهونها بصمت وسط ضغوط الحياة اليومية.
ورغم أن المناسبة قد لا تحظى بالزخم نفسه الذي تناله المناسبات الأخرى، إلا أنها تمثل فرصة للتذكير بأهمية الاعتراف بجهود الرجال وأدوارهم المتعددة.
والدكتور طارق إلياس، خبير التنمية البشرية، يكشف عن مفهوم هذا اليوم وكيف يمكن للمجتمع إعادة تقدير دور الرجل في حياته اليومية، بعيدًا عن النظرة الضيقة التي تعتبره "مصدر دخل" أو "آلة صرف آلية" للأسرة.

وأكد د. طارق إلياس أن الدور الذي يلعبه الرجل لا يتوقف عند توفير المال فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى كونه مصدر الأمان والاستقرار للأسرة، مضيفًا أن ارتباط الرجل بمسؤولية الحماية والاحتواء جعل من دوره العائلي مهمة معقدة تتطلب جهدًا مضاعفًا، خاصة في ظل الأعباء الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة.
وأشار إلى أن الأب أو الزوج عندما يقدم حلولًا للمشكلات اليومية أو يحتوي أفراد أسرته، فإنه يؤدي دورًا مكملًا لاحتياجاتهم النفسية، وليس المادية فقط، وفي هذا الإطار، يظل الرجل – وفق الخبير – مصدر الانضباط داخل الأسرة، وهي صورة ارتبطت بالموروث الاجتماعي لسنوات.

أوضح الخبير أن مفهوم التقدير يبقى الحلقة الأضعف في العلاقة داخل العديد من الأسر، حيث تُعامل أدوار الرجل كواجبات نمطية لا تستحق الثناء أو الاعتراف.
وأشار إلى أن جملة مثل "هذا واجبك" أصبحت جزءًا من ثقافة التعامل داخل الأسرة، رغم أن التقدير البسيط من شأنه أن يصنع فارقًا كبيرًا في العلاقات.
ولفت إلى أن الضغوط اليومية التي يعيشها الرجال، مثل العمل لساعات طويلة، تستوجب من الأسرة مراعاة حالتهم النفسية عند عودتهم إلى المنزل، مؤكّدًا أن أبسط علامات التقدير – مثل استقبال لطيف أو دعم معنوي – يمكن أن تخفف كثيرًا من هذه الضغوط.
قدّم د. طارق إلياس "روشتة" مختصرة لدعم الرجل في هذا اليوم، من أهم بنودها:
عدم عرض المشكلات فور دخوله المنزل لمنحه مساحة لالتقاط أنفاسه.
المبادرة بالاحتواء وتقديم ما يمكن تقديمه من مهام بسيطة تخفف عنه.
التعامل بالاحترام والمودة كقاعدة أساسية في العلاقة.
التقدير اللفظي عبر كلمات بسيطة تعكس الامتنان لدوره.
تفهم أنّ القيادة الأسرية ليست استبدادًا بل تكاملًا بين الزوجين.
وأشار إلى أن الحب المتبادل هو الركيزة الأساسية لجعل كل طرف يقدّر جهد الآخر، مضيفًا أن الأسرة لا يمكن أن تزدهر إذا لم يكن كل طرف قادرًا على منح الآخر الدعم المعنوي الذي يستحقه.
وتناول الحوار جانبًا مهمًا من العلاقات الأسرية المعاصرة، وهو محاولة بعض الزوجات "تشكيل" أزواجهن وفق رؤيتهن الشخصية، وهي عملية اعتبرها الخبير جزءًا من العقل الباطن لدى كثير من النساء، موضحًا أن التفاهم والحوار والاحترام المتبادل كفيل بأن يجعل العلاقة أكثر توازنًا بعيدًا عن محاولات السيطرة.
اختتم د. طارق إلياس حديثه بالدعوة إلى تعزيز ثقافة التقدير داخل الأسرة، مؤكدًا أن التواصل الإيجابي بين الزوجين، واحترام الهوايات والاختلافات، ودعم كل طرف للآخر، هي أساس علاقة صحية وممتدة، مشددًا على أن الاحتفال باليوم العالمي للرجل ليس مجرد مناسبة عابرة، بل فرصة لإعادة النظر في مفهوم الأدوار داخل الأسرة، وبناء بيت يقوم على التفاهم والمودة وليس على الواجبات الجافة.