دراسات وأبحاث

خطة ترامب لغزة: خطوات أمريكية لإحلال السلام وإعادة الإعمار

الأربعاء 19 نوفمبر 2025 - 12:49 م
هايدي سيد
الأمصار

أعطى مجلس الأمن الدولي، الأربعاء 19 نوفمبر 2025، الضوء الأخضر للولايات المتحدة الأمريكية لبدء خمس خطوات رئيسية ضمن خطة إنهاء الحرب في قطاع غزة الفلسطيني، والتي تهدف إلى إعادة الاستقرار والأمن للقطاع، وتأمين بيئة مناسبة لإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية بعد سنوات من الصراع.

ويتيح القرار الدولي للدول المشاركة إعلان مساهمتها رسميًا في قوة الاستقرار الدولية، التي ستنتشر في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي في غزة، تمهيدًا لانسحاب القوات الإسرائيلية تدريجيًا وفق جدول زمني محدد. ويشمل هذا الانسحاب نحو نصف أراضي غزة، حيث لا تزال القوات الإسرائيلية متمركزة في بعض المناطق الواقعة أسفل "الخط الأصفر"، وفق ما ذكرته مصادر دبلوماسية.

وتتزامن هذه الخطوات مع تشكيل مجلس سلام دولي برئاسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يضم رؤساء دول وحكومات من عدة دول مختلفة، على أن يشكل المجلس الركيزة الأساسية لإدارة المرحلة الانتقالية في غزة، بما يشمل إنشاء لجنة فلسطينية تكنوقراطية للإشراف على الشؤون الحياتية والخدمات المدنية، تحت مسؤولية مجلس السلام وبالتعاون مع الجامعة العربية، مع الحفاظ على دور السلطة الفلسطينية في تنفيذ برامجها الإصلاحية.

ترامب يطلق خطة استقرار غزة بخمس خطوات أساسية

وقال السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، إن القرار يمثل خطوة مهمة نحو استقرار قطاع غزة وتهيئة بيئة آمنة لإسرائيل، مضيفًا: "مجلس السلام الذي سيرأسه الرئيس ترامب سيكون مسؤولًا عن تنسيق تسليم المساعدات الإنسانية، وتسهيل تطوير قطاع غزة، ودعم هيئة تكنوقراطية فلسطينية لإدارة العمليات اليومية للقطاع بعيدًا عن الانتماءات الحزبية".

حتى الآن، لم تتضح بعد تشكيلة لجنة التكنوقراط الفلسطينية أو من سيترأسها، لكنها تعتبر عنصرًا أساسيًا في نقل السلطة من حركة "حماس" إلى هيئة فلسطينية جديدة، وفق ما نص عليه قرار مجلس الأمن. ومن مهام اللجنة إدارة الخدمات المدنية والإشراف على البرامج التنموية، بما يضمن استمرار تقديم الخدمات الأساسية للسكان الفلسطينيين بشكل منظم وفعال.

مجلس الأمن يفتح الطريق لتنفيذ خطة ترامب في غزة

ويتضمن القرار أيضًا إنشاء قوة استقرار دولية مؤقتة في غزة، بمشاركة عدة دول تحت قيادة موحدة ومعترف بها لدى مجلس السلام، وبالتنسيق مع جمهورية مصر العربية ودولة إسرائيل، والالتزام بالقانون الدولي والإنساني. وتتمثل مهام هذه القوة في دعم نزع السلاح، تفكيك البنية التحتية الإرهابية، حماية المدنيين الفلسطينيين، وتأمين الحدود بالتعاون مع الشرطة الفلسطينية المدربة حديثًا.

وأوضح والتز أن هذه القوة ستعمل على "تحقيق استقرار البيئة الأمنية في غزة، نزع أسلحة الجماعات المسلحة غير الحكومية بشكل دائم، ودعم العمليات الإنسانية بالتعاون مع الدول المانحة". 

كما أكد أن الولايات المتحدة والبنك الدولي سيعملان على توفير التمويل اللازم لإعادة إعمار غزة، من خلال صندوق ائتماني مخصص تديره الجهات المانحة، لتوفير الموارد المالية اللازمة لدعم التنمية المستدامة.

وتتضمن المرحلة الأولى من خطة ترامب عودة الرهائن الأموات إلى ذويهم، بينما تبقى قضية ثلاثة رهائن، بينهم عامل تايلاندي، قيد المتابعة والترتيب، بما يمثل خطوة إنسانية رمزية وأساسًا لبدء تنفيذ المرحلة الأمنية والإنسانية من الاتفاق.

قوة دولية تنتشر في غزة مع بدء انسحاب الجيش الإسرائيلي

ويشير القرار إلى أن انسحاب الجيش الإسرائيلي مرتبط بانتشار قوة الاستقرار الدولية، حيث ستنسحب القوات تدريجيًا وفق معايير ومراحل زمنية محددة، مع الإبقاء على محيط أمني لحماية غزة من أي تهديد إرهابي محتمل، بالتنسيق مع القوات الدولية والولايات المتحدة كجهة ضامنة.

كما ينص القرار على توفير الموارد المالية اللازمة لإعادة إعمار غزة، حيث سيعمل البنك الدولي والمؤسسات المالية الأخرى على تسهيل تمويل مشاريع البنية التحتية والخدمات الأساسية، ودعم برامج التنمية الاقتصادية لتقليل اعتماد القطاع على المساعدات الإنسانية. 

ويهدف هذا التوجه إلى تعزيز الاستقرار الشامل وتحقيق تنمية مستدامة تشمل القطاعات الصحية والتعليمية والبنية التحتية.

وأكد السفير الأمريكي أن "الاستثمارات المتوقعة بعد اعتماد القرار ستوفر فرص عمل جديدة للفلسطينيين، وتفتح آفاقًا للتنمية المستدامة بعيدًا عن الاعتماد المستمر على المساعدات الإنسانية".

 وأشار إلى أن مجلس السلام سيتولى التنسيق مع الجهات الفلسطينية والإقليمية والدولية لضمان تنفيذ الخطة بشكل كامل وفعال، بما يشمل مراقبة وقف إطلاق النار، تسهيل مرور المساعدات الإنسانية، والإشراف على إعادة بناء البنية التحتية.

من الناحية الأمنية، تنص الخطة على أن قوة الاستقرار الدولية ستدعم الشرطة الفلسطينية، وتدربها، وتوفر الإشراف على العمليات اليومية، بما في ذلك حماية المدنيين والمرافق الحيوية. 

وستتعاون القوة مع مصر وإسرائيل لتأمين الممرات الحدودية والحفاظ على الأمن والاستقرار، مع التركيز على منع أي محاولات لإعادة بناء قدرات "حماس" العسكرية والإرهابية.

خطة أمريكية لإنهاء الحرب وإعادة إعمار قطاع غزة

ويشير مراقبون دوليون إلى أن تطبيق هذه الخطوات من المتوقع أن يبدأ قبل نهاية العام الجاري، وعلى أبعد تقدير مطلع العام المقبل. وتعتبر هذه المبادرة الأمريكية من أكثر الخطوات تعقيدًا منذ سنوات، نظرًا لتشابك الأبعاد الأمنية والسياسية والإنسانية في غزة، وحساسية التنسيق مع الدول الإقليمية والفلسطينية والإسرائيلية.

فيما يتعلق بردود الفعل، رحبت بعض الدول العربية والدولية بخطة ترامب، معتبرة إياها فرصة لإعادة الاستقرار لغزة ووقف دورة العنف المتكررة، بينما أعربت أطراف فلسطينية أخرى عن تحفظات، خصوصًا حول تشكيل لجنة التكنوقراط، ومدى تمثيلها للشعب الفلسطيني، مؤكدين على ضرورة إشراك كل القوى المحلية لضمان نجاح المرحلة الانتقالية.

تأتي هذه الخطوات بعد سنوات من الصراع المستمر في غزة، التي شهدت تدميرًا واسعًا للبنية التحتية، وانخفاضًا كبيرًا في مستوى الخدمات الأساسية، وزيادة الاعتماد على المساعدات الإنسانية الدولية.

 

 وتؤكد الخطة الأمريكية الجديدة على ضرورة التوازن بين الأمن وإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية، بهدف تحقيق استقرار طويل الأمد في القطاع.

وفي الختام، توضح المعطيات أن خطة ترامب، إذا نُفذت بشكل كامل، ستفتح صفحة جديدة من التعاون الدولي لدعم الفلسطينيين، وتحقيق الأمن والاستقرار لإسرائيل، مع تعزيز دور المؤسسات الدولية والإقليمية في إدارة المرحلة الانتقالية، وإعادة بناء غزة وفق أسس اقتصادية وإنسانية متينة، بعيدًا عن سيطرة الفصائل المسلحة. 

وتظل التحديات كبيرة، لكن الخطة تمثل أول محاولة شاملة منذ سنوات لتحقيق الأمن والاستقرار والرفاهية لسكان القطاع.