المغرب العربي

الجزائر تحذّر من تصاعد الإرهاب في مالي وتدعو لحل سياسي شامل

الأربعاء 19 نوفمبر 2025 - 11:46 ص
هايدي سيد
الأمصار

أعربت الجزائر عن قلق بالغ إزاء التصعيد المتسارع في مستوى التهديدات الإرهابية داخل دولة مالي، مؤكدة أن المخاطر الحالية وصلت إلى “حدود غير مسبوقة”، بما ينذر بتداعيات خطيرة على الأمن الإقليمي في منطقة الساحل. 

وجددت الجزائر تمسكها بضرورة العودة إلى الحلول السياسية والحوار الوطني الشامل، باعتبارهما الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة المتفاقمة في هذا البلد.

وقال وزير الشؤون الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، خلال مؤتمر صحفي عقده في العاصمة الجزائرية، إن بلاده تنظر إلى استقرار مالي باعتباره جزءاً لا يتجزأ من أمن الجزائر القومي، موضحًا أن الجزائر تتعامل مع أمنها الإقليمي من منظور شامل لا يستثني أيًا من دول الجوار، خصوصًا تلك التي تواجه تحديات أمنية حادة في منطقة الساحل والصحراء.

وأشار عطاف إلى أن ما يجري في مالي “يشغل الجزائر ويقلقها بقدر يفوق أي دولة أخرى”، مبينًا أن هذا القلق ينبع من اعتبارات جغرافية وسياسية وتاريخية، إضافة إلى التزام الجزائر الطويل بدعم وحدة مالي واستقراره والحفاظ على سيادته وحرمة أراضيه. 

وأكد أن الجزائر كانت ولا تزال من أبرز المدافعين عن وحدة الشعب المالي ومؤسساته الوطنية، وذلك عبر مشاركتها النشطة في الوساطات الدولية واتفاق الجزائر للسلام.

وبيّن الوزير أن تعاظم الخطر الإرهابي في مالي اليوم جاء ليؤكد – للأسف – صحة التحذيرات التي أطلقتها الجزائر على مدار السنوات الماضية بشأن تداعيات التوترات الداخلية والخيارات العسكرية التي اتُّبعت على حساب الحلول السياسية. وشدد عطاف على أن معالجة الأزمة المالية لا يمكن أن تتم عبر المقاربة الأمنية وحدها، وإنما تستوجب إطلاق حوار وطني شامل يضمن مشاركة جميع الأطراف دون إقصاء، ويعيد البلاد إلى المسار السياسي الطبيعي.

ودعا وزير الخارجية الجزائري السلطات المالية إلى “الاستفاقة” وإدراك ضرورة العودة إلى التفاهم والحلول السلمية، مؤكداً أن الجزائر ستظل تمد يدها لمالي “بكل حكمة ورصانة” رغم التحديات، وأنها تمتلك ما وصفه بـ“رصيد من الصبر لا ينضب” في التعامل مع أزمات المنطقة.

وتشهد مالي في الأشهر الأخيرة موجة من التصعيد الإرهابي تقودها جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” الموالية لتنظيم القاعدة، حيث كثّفت هجماتها على مواقع عسكرية وحكومية. وفي أحد أكثر الهجمات دموية، قُتل 48 جندياً مالياً في هجوم وقع في 11 من الشهر الجاري. كما تشير تقارير أمنية إلى أن الجماعة المسلحة تحاصر العاصمة باماكو منذ نحو شهرين، في مؤشر خطير على توسّع رقعتها ونفوذها.

ويأتي هذا التدهور الأمني في وقت تواجه فيه مالي اضطرابات سياسية ممتدة منذ سنوات، وسط انسحاب عدد من القوات الدولية، ما يجعل البلاد أكثر عرضة لتمدد الجماعات المتطرفة وارتفاع منسوب العنف، الأمر الذي دفع الجزائر إلى تصعيد تحذيراتها بشأن مستقبل المنطقة إذا لم يُعتمد مسار سياسي شامل يعالج جذور الأزمة.