تواصل مصر تنفيذ واحد من أكبر المشروعات الاستراتيجية في القارة الأفريقية، والمتمثل في إنشاء طريق بري عملاق يربط بين مصر وتشاد مروراً بليبيا، بطول إجمالي يبلغ 2570 كيلومتراً، ليشكل ممرًا تنمويًا جديدًا يعيد رسم خريطة التجارة الإقليمية بين شمال ووسط أفريقيا، ويفتح آفاقًا اقتصادية واسعة للدول الثلاث.
ويشمل المشروع إنشاء طريق "شرق العوينات – الكفرة" داخل الحدود المصرية بطول 370 كيلومتراً، وهو الجزء الذي وصلت نسبة تنفيذه إلى نحو 15%، وفقاً لبيانات صادرة عن وزارة النقل المصرية.
ويمثل هذا المقطع البوابة الشمالية للممر التجاري الممتد حتى العاصمة التشادية.
كما وقعت شركة المقاولون العرب المصرية مذكرة تفاهم مع الجانب الليبي لإعداد الدراسات الخاصة بالقطاع الممتد من الحدود المصرية – الليبية حتى الحدود الليبية – التشادية، بطول 390 كيلومتراً، وهو المقطع الذي يجري العمل على تصميمه وإعداد مخططاته التنفيذية.
وفي تشاد، اتسع نطاق العمل عقب توقيع شركتي المقاولون العرب ومذكرات تفاهم لتنفيذ عدة مقاطع رئيسية، من بينها القطاع الممتد من الحدود الليبية – التشادية حتى مدينة أم الجرس بطول 550 كيلومتراً، والذي يجري حالياً تنفيذ أعمال الرفع المساحي الخاصة به. كما بدأت الشركة في تنفيذ الجسر الترابي للمقطع الرابط بين أم الجرس ومدينة إبشا بطول 380 كيلومتراً.
أما القطاع الأخير الممتد من إبشا حتى العاصمة التشادية إنجامينا، بطول 880 كيلومتراً، فهو قائم بالفعل ويعد بحالة جيدة، ليكتمل بذلك الشريان البري الضخم الذي سيغير معادلة التجارة في المنطقة.
وأكدت وزارة النقل المصرية أنه يجري حالياً إنشاء منفذ الكفرة البري على الحدود المصرية – الليبية، ليكون محور عبور رئيسي لحركة التجارة بين مصر وتشاد. ويُنتظر أن يمنح هذا المنفذ دولة تشاد أقصر طريق مباشر إلى البحر المتوسط، ما يتيح لها الوصول إلى أسواق ضخمة ويدعم التنمية والاستقرار فيها، كما يعزز الدور الإقليمي لكل من مصر وتشاد في الربط بين شمال ووسط أفريقيا.
ويمثل الطريق الجديد، وفق الوزارة، "محوراً استراتيجياً" للتكامل الاقتصادي الإقليمي، إذ يوفر ممرًا برياً آمنًا وسريعًا لحركة الأفراد والبضائع، ويخدم الدول الحبيسة في وسط أفريقيا التي تحتاج إلى فتح مسارات أقرب وأكثر أمناً نحو الموانئ البحرية.
وتُولي مصر أهمية خاصة لمشروع ربطها برياً مع ليبيا وتشاد، باعتباره مشروعاً حيوياً للتكامل الاقتصادي وتطوير التجارة البينية، ووسيلة لتحويل تشاد إلى مركز تجاري يربط بين البحر الأحمر والمحيط الأطلسي، وهو ما سيغيّر خريطة اللوجستيات الإقليمية في القارة.

وأكد الفريق المهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل في مصر، أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجّه بتعظيم التعاون مع الدول الأفريقية، خاصة تشاد، التي تربطها بمصر علاقات قوية وتاريخية.
وأوضح الوزير أن الشركات المصرية، وعلى رأسها شركات البنية التحتية والنقل، مستعدة لتنفيذ مختلف المشروعات داخل تشاد والمساهمة في تنميتها، اعتماداً على خبراتها الكبيرة في تنفيذ مشروعات كبرى داخل القارة.
وأشار الوزير إلى أن التعاون مع تشاد لا يقتصر على تنفيذ الطريق، بل يمتد إلى رؤية شاملة للتعاون المستقبلي تشمل تشكيل لجنة فنية مشتركة لمتابعة تنفيذ المشروع في القطاعات الثلاثة (المصري – الليبي – التشادي)، ووضع جداول زمنية واضحة، فضلاً عن توسيع دور الشركات المصرية في تطوير البنية التحتية داخل تشاد.
كما تشمل الرؤية إطلاق برامج تدريب مصرية للكوادر التشادية في مجالات هندسة الطرق والنقل والإشراف والتنفيذ، بما يدعم بناء القدرات الوطنية في تشاد ويسهم في نجاح المشروع وضمان استدامته.
ويمثل الطريق البري بين مصر وليبيا وتشاد خطوة استراتيجية نحو تكامل إقليمي أوسع، ويُعد امتداداً طبيعياً للدور المصري المتنامي في ربط أفريقيا عبر مشروعات تنموية متعددة تهدف إلى تعزيز التجارة والاستقرار والتنمية.