نشرت "القناة 12" العبرية تقريراً موسعاً تناول حالة القلق العميق داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من التحولات الاستراتيجية في المنطقة، وعلى رأسها احتمالات امتلاك المملكة العربية السعودية قدرات نووية، إلى جانب صفقة محتملة للحصول على مقاتلات الشبح الأمريكية "F-35"، التي تعد الأكثر تطوراً في العالم.
وتشير القناة إلى أن هذه التطورات، إن حدثت، قد تشكل تهديداً وجودياً لم تعرفه إسرائيل منذ تأسيسها، بالنظر إلى أن التفوق الجوي الإسرائيلي ظل لعقود ركناً أساسياً في منظومتها الدفاعية واستراتيجيتها الردعية.

بحسب التقرير، ترى إسرائيل أن تفوقها الجوي كان عاملاً حاسماً في إدارتها العسكرية خلال العامين الأخيرين من الحرب على غزة. وقد أثبت هذا التفوق أنه السلاح الأكثر تأثيراً في مواجهة التحديات الأمنية في القطاع وعلى حدود لبنان وسوريا.
لكن القلق الإسرائيلي ينطلق من أن حصول السعودية على مقاتلات "F-35"، بالتزامن مع تقدمها في ملف الطاقة النووية، يعني دخول لاعب إقليمي جديد إلى دائرة القوة النوعية في المنطقة، وهو ما تعتبره تل أبيب ضربة مباشرة لـ"التفوق النوعي" الذي تكفله الولايات المتحدة لها قانونياً منذ عقود.
يشير التقرير إلى أن القوات الجوية الأمريكية وشركة "لوكهيد مارتن" أنجزتا مؤخراً تجربة إسقاط قنبلة نووية تكتيكية من مقاتلة F-35 في صحراء نيفادا. وتهدف التجربة إلى تكييف الطائرة الشبح مع حمل الأسلحة النووية مستقبلاً.
وفق الخبراء، فإن تمكين مقاتلات "F-35" من حمل أسلحة نووية يعني إتاحة القدرة النووية الجوية لدول لا تملك صواريخ باليستية بعيدة المدى. وبالتالي، فإن امتلاك السعودية لهذه الطائرات يضعها في مرتبة استراتيجية جديدة قد تغيّر موازين القوى جذرياً في الشرق الأوسط.

وتعتبر إسرائيل أن هذا التطور يقود إلى احتمال وقوع سباق تسلح نووي وجوي في المنطقة، وهو السيناريو الذي لطالما حاولت تل أبيب وواشنطن منعه.
تقول القناة إن إسرائيل تخشى من امتلاك السعودية قدرات نووية – سواء كانت عسكرية مباشرة أو عبر تطوير برنامج مدني متقدم يمكن استغلاله في المستقبل. وتصف تل أبيب هذا الاحتمال بـ"الخطر الوجودي" في حال حدوث انعكاس استراتيجي يجعل هذه القدرات موجّهة ضدها.
وتربط إسرائيل بين ملفي F-35 و النووي المدني، معتبرة أنهما يفتحان الباب أمام تغيير شامل في موازين القوة التاريخية التي اعتمدت عليها.
أكد مسؤولون في إدارة ترامب لوكالة "أسوشيتد برس" أن اتفاق بيع مقاتلات "F-35" للسعودية لن يُحسم خلال زيارة ولي العهد لواشنطن. وتشير الإدارة الأمريكية إلى أن هناك مخاوف متعددة، أبرزها:

كما تتابع واشنطن عن قرب المفاوضات المتعلقة بطلب السعودية الحصول على محطة طاقة نووية أمريكية، وهو أمر تراه إسرائيل "أخطر من صفقة الطائرات".
يلفت التقرير إلى أن تركيا قد تحصل مستقبلاً على "F-35" إذا تم حل الخلافات العالقة مع واشنطن. وهذا يعني أن الشرق الأوسط قد يشهد للمرة الأولى وجود ثلاث قوى إقليمية تمتلك الطائرة الأكثر تقدماً في العالم، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديداً متعدد الجبهات.
قبل اندلاع الحرب على غزة، كانت السعودية تسعى للحصول على برنامج نووي مدني، وهو ما عارضته إسرائيل بشدة ونجحت حينها في إقناع الولايات المتحدة بعرقلته.
لكن مع تغير المشهد الإقليمي وصعود الدور السعودي، لم يعد واضحاً ما إذا كانت واشنطن ستواصل رفضها نقل تلك التكنولوجيا الحساسة للرياض، خصوصاً أن الملف جزء من مفاوضات أمنية واقتصادية وسياسية شاملة بين الجانبين.

تستند السياسة الأمريكية إلى قانون يضمن تفوق إسرائيل العسكري في الشرق الأوسط على أي دولة جارة. وقد تحقق هذا عبر تزويد تل أبيب بأحدث التقنيات والأسلحة منذ عقود.
لكن الطلب السعودي بالحصول على "F-35"، بالتزامن مع طموحها النووي المدني، يمثل أول تحدٍّ جدي لهذا القانون منذ سنوات طويلة، خصوصاً في ظل سعي واشنطن لجذب الرياض إلى محور سياسي–أمني جديد.
قال الرئيس دونالد ترامب إنه سيبحث مع ولي العهد السعودي إمكانية انضمام الرياض إلى اتفاقيات إبراهيم، مؤكداً أنه ينظر في الطلب السعودي لشراء مقاتلات "F-35".
وتؤكد إسرائيل أن أي صفقة أسلحة استراتيجية مع السعودية يجب أن تكون مشروطة بالتطبيع الكامل معها.
وكان ترامب قد أعرب قبل شهر عن تفاؤله باقتراب التطبيع، قائلاً:
"أعتقد ذلك قريباً… آمل أن تنضم السعودية إلينا."