دراسات وأبحاث

العراق على خط معركة "الكتلة الأكبر".. تحديات تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات

الأحد 16 نوفمبر 2025 - 03:15 م
جهاد جميل
الأمصار

تتسارع الخريطة السياسية في العراق بعد الانتخابات الأخيرة، حيث تتحول «الكتلة الأكبر» إلى اللاعب الحاسم في عملية تشكيل الحكومة الجديدة، في وقت تبدو فيه المفاوضات معقدة بسبب تعدد القوى وتوزع المقاعد بين التحالفات المختلفة. وتبرز هذه المعركة كاختبار لقدرة الأحزاب على التوافق بين شركاء متنافسين، وسط حسابات سياسية داخلية وتأثيرات إقليمية ودولية متشابكة.

النتائج الأولية أظهرت تقدم تحالف الإعمار والتنمية بزعامة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بـ46 مقعدًا، يليه ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي بـ29 مقعدًا، ثم تحالف تقدّم بقيادة محمد الحلبوسي بنفس عدد المقاعد. ومع ذلك، فإن تحديد الكتلة الأكبر لا يعتمد فقط على الأرقام، بل على تحالفات ما بعد الانتخابات، والتي ستلعب دورًا محوريًا في تحديد شكل الحكومة المقبلة.

أربع مراحل دستورية لتشكيل الحكومة

تتبع عملية تشكيل الحكومة في العراق مسارًا دستوريًا من أربع مراحل رئيسية:

الطعون والمصادقة على النتائج: يُتاح للمرشحين ثلاثة أيام لتقديم اعتراضاتهم، حيث تنظر لجنة قضائية متخصصة في هذه الطعون خلال 10 أيام قبل رفع النتائج النهائية إلى المحكمة الاتحادية للمصادقة. ومن المتوقع أن تنتهي هذه المرحلة بحلول 27 نوفمبر 2025.

انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان: بعد المصادقة، يدعو رئيس الجمهورية إلى الجلسة الأولى التي يديرها النائب الأكبر سنًا. تُنتخب رئاسة البرلمان ونائبيه وفق الأعراف السياسية، بحيث تكون الرئاسة للمكوّن السني، والنائب الأول للشيعة، والثاني للأكراد.

انتخاب رئيس الجمهورية: يتم انتخاب رئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي أعضاء البرلمان خلال 30 يومًا، وحسب الأعراف السياسية، يكون المرشح غالبًا كرديًا. بعد انتخابه، يقوم الرئيس بتكليف الكتلة الأكبر بتقديم مرشحها لرئاسة الوزراء.

تشكيل الحكومة: تبدأ الأحزاب مفاوضات لتشكيل التحالفات وتأمين أغلبية برلمانية مريحة. يُمنح رئيس الوزراء المكلف 30 يومًا لتقديم تشكيلته الوزارية لنيل ثقة البرلمان.

تحديات سياسية وتأخيرات متوقعة

يشير خبراء إلى أن المنافسة الحادة بين القوى الرئيسية، وتعدد مراكز النفوذ الإقليمية والدولية، قد تؤدي إلى تأخير في تشكيل الحكومة، كما حدث بعد انتخابات 2021. وستكون مسألة «الكتلة الأكبر» العامل الحاسم لتحديد المرشح لرئاسة الوزراء وضمان توافق داخلي بين القوى الشيعية والسنية والكردية.

القيادات السياسية بدأت بالفعل جولات تفاوض سرية حول المناصب السيادية والاقتصادية والخدمية، بما في ذلك زيارات مرتقبة للسوداني إلى أربيل للقاء القادة الكرد، في محاولة لتأمين تحالفات عابرة للطوائف. ومن المتوقع أن يلعب توزيع المقاعد والتحالفات العابر للطوائف دورًا رئيسيًا في منع تكرار سيناريو عام 2021، حيث استخدمت القوى الشيعية «الثلث المعرقل» لمنع تشكيل حكومة أغلبية وطنية.

تحركات خلف الكواليس

تتواصل الاجتماعات المغلقة بين قيادات التحالفات المختلفة لمناقشة فرص التوافق، وسط أجواء من التوتر نتيجة التباين بين الخطابات العلنية والمفاوضات السرية. ورغم أن الكتلة الأكبر لم تحسم بعد، تشير التقديرات إلى إمكانية إعادة تموضع بعض القوى حتى المصادقة النهائية على النتائج، ما يجعل المرحلة المقبلة حاسمة في تحديد شكل الحكومة العراقية المقبلة.

يبقى الشارع العراقي في ترقب مستمر لتطورات هذه الجولة من المفاوضات، مع مراقبة دقيقة لتأثير التحالفات على مستقبل رئاسة الوزراء ومسار الحكومة الجديدة، وسط توقعات بإمكانية التوصل إلى حكومة أكثر سرعة نسبيًا مقارنة بالمراحل السابقة، إذا ما نجحت القوى السياسية في تجاوز خلافاتها.