دراسات وأبحاث

«ترامب» يُعلن نهاية الشلل الحكومي.. والكونجرس الأمريكي يتهيأ لمعركة الملفات الساخنة

الجمعة 14 نوفمبر 2025 - 06:39 ص
مصطفى عبد الكريم
ترامب و الكونجرس
ترامب و الكونجرس الأمريكي - صورة تعبيرية

في يوم سياسي مشحون يُشبه لحظة رفع ستار مسرحٍ كان غارقًا في الظلام، خرج الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، ليُعلن «نهاية أطول شلل حكومي» شهدته الولايات المتحدة في تاريخها الحديث. لحظةٌ بدت كأنها زفرة ارتياح لبلدٍ أُنهِك بالجمود، قبل أن تفتح الباب على فصل جديد لا يقل سخونة.

مواجهة سياسية وشيكة

فمع توقيع «ترامب» قانون إنهاء الإغلاق، لم تكد الدوائر الفيدرالية تستعيد أنفاسها، حتى بدأ «الكونجرس الأمريكي» في الاستعداد لمعركة تشريعية واسعة، تمتد بأسئلتها وملفاتها وقوانينها إلى عُمق ما تبقى من العام. ملفاتٌ ثقيلة تنتظر النقاش والانفجار من تمديد إعفاءات «أوباما كير» الضريبية، إلى قانون المزرعة، مرورًا باعتمادات الطاقة التي أوشكت صلاحيتها على الانتهاء.

وبينما يعود الموظفون الفيدراليون إلى مكاتبهم، تبدو «واشنطن» مُقبلة على أسابيع هي الأكثر حساسية وحسمًا… إذ إن نهاية الشلل لم تكن سوى بداية صراعٍ أكبر.

عودة الحكومة للعمل

وكان وقّع دونالد ترامب، في الساعات الأولى من أمس الخميس، مشروع قانون تمويل لإعادة فتح الحكومة الفيدرالية، مُنهيًا بذلك أطول إغلاق في تاريخ «الولايات المتحدة»، استمر (43 يومًا)، وأدى إلى توقف مؤسسات حكومية رئيسية وتعطل رواتب الموظفين الفيدراليين.

Trump signs spending bill to end longest shutdown in US history
جانب من توقيع ترامب على مشروع القانون

جاءت موافقة «ترامب» بعد ساعات من تصويت مجلس النواب بأغلبية (222) صوتًا مقابل (209) أصوات على تمرير اتفاق توصل إليه أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في «مجلس الشيوخ»، لضمان استمرار عمل الحكومة حتى يناير المُقبل، وتأمين تمويل لعدد من الوكالات الفيدرالية لبقية السنة المالية 2026.

الكونجرس يستعيد حركته

وأنهى الاتفاق الجمود التشريعي الذي أصاب «الكونجرس» منذ أكثر من شهر ونصف، وألغى قرارات التسريح الجماعي التي صدرت خلال فترة الإغلاق، كما سمح بإعادة صرف رواتب مئات الآلاف من الموظفين واستئناف خدمات التغذية والدعم الغذائي التي يعتمد عليها ملايين الأمريكيين.

وخلال مراسم التوقيع في البيت الأبيض، وصف «ترامب» القانون بأنه «انتصار على الديمقراطيين»، مُشيرًا إلى أن تمريره يُمثّل «رسالة واضحة مُفادها أننا لن نستسلم للابتزاز»، على حد قوله، وأضاف من المكتب البيضاوي أن الديمقراطيين «اختاروا الطريق الصعب، وبدوا في نهاية المطاف بمظهر سيئ».

استعداد تشريعي مُكثّف

بانتهاء «الإغلاق الحكومي»، يستعد «الكونجرس» لفترة عمل مُكثفة تمتد لأربعة أسابيع قبل نهاية العام، تشمل مناقشة ملفات «حساسة»، أبرزها تمديد إعفاءات قانون «أوباما كير» الضريبية، ومشروع قانون المزرعة، واعتمادات الطاقة المُنتهية.

President Trump signs government funding bill, ending shutdown after a  record 43-day disruption | ARLnow.com

ودعا «ترامب» إلى تعديل قانون «الرعاية الصحية» بدل تمديد الدعم الحالي، مُؤكّدًا أن «أوباما كير كان كارثيًا» وأن إدارته «ستعمل على تحسين نظام الرعاية الصحية بشكل أفضل بكثير».

في المقابل، يسعى «الجمهوريون» في مجلس النواب إلى تمرير أكبر عدد ممكن من مشاريع قوانين الإنفاق لرفع قدرتهم التفاوضية مع مجلس الشيوخ قبل الموعد النهائي في 30 يناير المُقبل.

فضيحة إبستين تعود

إلى جانب معركة «الميزانية»، يُواجه رئيس مجلس النواب «مايك جونسون»، قضية حساسة تتعلق بملفات رجل الأعمال «جيفري إبستين»، وقبل بدء التصويت على قانون إعادة فتح الحكومة، كانت النائبة الديمقراطية «أديليتا جريجالفا»، قد وقّعت التوقيع الحاسم رقم (218) لإجبار وزارة العدل على نشر جميع «ملفات إبستين».

Newly released emails bring Trump's relationship with Epstein back into  spotlight
فضيحة جيفري إبستين

وأعلن «جونسون» بعد وقت قصير من ذلك أنه سيطرح الأسبوع المُقبل مشروع قانون يُلزم وزارة العدل بالكشف الكامل عن ملفات القضية، بعد ضغوط من البيت الأبيض فشلت في تغيير مواقف الجمهوريين.

في اليوم نفسه، نشر «الديمقراطيون» في لجنة الرقابة رسائل بريد إلكتروني تُظهر أن «إبستين» ذكر «ترامب» بالاسم في مراسلات خاصة، بينما أصدرت اللجنة الجمهورية نحو (200 ألف) صفحة من الوثائق التي تسلمتها من ورثة إبستين، في تصعيد جديد لواحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في المشهد السياسي الأمريكي.

أزمة انتهت وصراع بدأ

وهكذا، وبينما تطوي «الولايات المتحدة» صفحة أطول شلل حكومي في تاريخها، تبدو واشنطن وكأنها تدخل إلى ميدانٍ أوسع من الجدل والتجاذب. فقرار الرئيس «ترامب» لم يُنهِ سوى أزمة شكلية، أما الاختبار الحقيقي فينتظر داخل أروقة «الكونجرس»، حيث تتراكم الملفات الساخنة وتتشابك الحسابات السياسية. الأيام المُقبلة لن تكون عادية؛ بل مرآة تكشف حجم الانقسام، وقدرة المؤسسات على تجاوز خلافاتها، واستعداد إدارة ترامب لفرض إيقاعها على خارطة القرار. وبين ضغوط الوقت وصخب المعارك التشريعية، ستُتحدد ملامح ما إذا كانت نهاية الشلل هي بداية استقرار… أم بداية صراعٍ جديد أشد تعقيدًا.