يشهد السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث، مع تصاعد حدة المجاعة والنزوح في عدة مناطق من البلاد، في ظل استمرار النزاع المسلح الذي عرقل وصول المساعدات الإنسانية، وحرم آلاف الأسر من أبسط مقومات الحياة.
وقال الدكتور عبد الحكيم الواعر، مساعد المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، إن السودان، الذي كان يُعرف سابقًا بـ"سلة الغذاء العربي"، يعيش اليوم وضعًا إنسانيًا مأساويًا بسبب الحرب التي دمّرت البنية الزراعية وأوقفت سلاسل الإمداد، موضحًا أن الأزمة الحالية لا تتعلق بضعف القدرات الإنتاجية أو نقص الموارد، بل ترجع بالأساس إلى النزاعات المسلحة وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية.
وأوضح الواعر، خلال حديثه مع الإعلامية أمل الحناوي في برنامج "عن قرب مع أمل الحناوي" على قناة القاهرة الإخبارية، أن مناطق مثل الفاشر وكادوقلي وبعض مخيمات النازحين داخليًا باتت تشهد بؤر مجاعة حقيقية، بعد أن مُنعت فرق الإغاثة من الوصول إليها لتقديم الغذاء والدعم اللازم في الوقت المناسب.
وأضاف المسؤول الأممي أن حجم الكارثة في السودان كبير للغاية، مشيرًا إلى أن ما يحدث هناك، إلى جانب مأساة قطاع غزة، يُعد من الكوارث التي صنعها الإنسان بسبب الحروب والصراعات، وليس نتيجة عوامل طبيعية مثل الجفاف أو الفيضانات. وأكد أن منظمة الفاو تواصل العمل بالتعاون مع شركائها في الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى، في محاولة للوصول إلى المناطق المعزولة وإنقاذ السكان من خطر المجاعة.
من جانبه، قال عدنان حزام، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان، إن الوضع الإنساني في إقليم دارفور يزداد سوءًا مع توافد أعداد كبيرة من النازحين إلى منطقة الطويلة الواقعة على بعد نحو 60 كيلومترًا من مدينة الفاشر.

وأوضح حزام، في تصريحات لقناة القاهرة الإخبارية مع الإعلامي أحمد أبو زيد، أن آلاف الأسر تصل يوميًا إلى هذه المناطق وهي تفتقر إلى أي ممتلكات، ولا تملك سوى الأمل في الحصول على الأمان والمأوى والغذاء. وأضاف أن تزايد أعداد النازحين يضاعف من العبء الإنساني على المنظمات العاملة في الميدان، ويؤدي إلى نقص حاد في الموارد والمساعدات الأساسية.
وأشار المتحدث باسم الصليب الأحمر إلى أن المنظمة الدولية تعمل بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر السوداني لتقديم الدعم العاجل للمتضررين، عبر توفير المواد الإغاثية الأساسية، ودعم المستشفيات والمستوصفات في منطقة الطويلة لتتمكن من تقديم الخدمات الصحية للمصابين والنازحين.
وأكد حزام أن فرق الصليب الأحمر تواصل جهودها على مدار الساعة لضمان وصول الغذاء والمياه والمساعدات الطبية إلى الأسر التي تواجه خطر المجاعة، وسط ظروف أمنية بالغة التعقيد وصعوبات لوجستية تحول دون وصول الإغاثة إلى جميع المناطق المتضررة.
ويحذر خبراء الأمم المتحدة من أن استمرار النزاع في السودان دون حلول سياسية عاجلة قد يؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، مع تزايد معدلات النزوح ونقص الغذاء وارتفاع خطر المجاعة في مناطق واسعة من البلاد.