بعد أسابيع من التأزّم والتعطيل الذي أصاب الحياة اليومية في «الولايات المتحدة»، جاء اليوم الذي انتظرته البلاد طويلاً. «أمريكا» تتنفس مُجددًا، حيث نجح «الكونجرس» في تمرير «الميزانية العامة»، وبهذا أنهى أطول إغلاق حكومي في تاريخها. خطوة حاسمة، جاءت في وقت كانت فيه الحكومة على شفا الانهيار، مما أعاد الأمل والاستقرار في عيون المواطنين الذين عانوا من تداعيات هذا الإغلاق الطويل.
أتى قرار «الكونجرس» بتمرير الميزانية في لحظة مفصلية في الولاية الثانية للرئيس «دونالد ترامب». وسط الجدل والانقسامات الحزبية، استطاع المجلس المُضي قُدمًا وتجنُّب المزيد من الأزمات السياسية، ليضع حدًا لأطول إغلاق حكومي في تاريخ «الولايات المتحدة». هذه الخطوة تُظهر عزم الإدارة الأمريكية على تجاوز العقبات الداخلية في فترة حرجة على الصعيدين المحلي والدولي.
وصوَّت «مجلس النواب الأمريكي»، اليوم الخميس، لصالح مشروع قانون لإنهاء «الإغلاق الحكومي» الذي استمر لأكثر من (ستة أسابيع) مُتتالية، حيث أيد المشروع (222) صوتًا داخل المجلس، من بينهم (6) ديمقراطيين، فيما رفضه (206)، من بينهم عضوان جمهوريان.
وجاء هذا التصويت ليضع حدًا لأزمة غير مسبوقة تسببت في شل عمل مؤسسات اتحادية رئيسية على مستوى البلاد، بعد شدٍّ وجذب سياسي دام طويلًا.
وبدأ إغلاق الحكومة الفيدرالية الأمريكية في الأول من أكتوبر بسبب عدم تمكّن الجمهوريين والديمقراطيين من الاتفاق على تمرير مشروع قانون لتمويل الخدمات الحكومية، وهو التاريخ الذي انتهت فيه صلاحية الميزانية الفيدرالية السابقة.

في الولايات المتحدة، يتعين على «الكونجرس» الموافقة على خطة الإنفاق حتى يُوقّعها الرئيس لتُصبح قانونًا.
ويُسيطر «الجمهوريون» على مجلسي الكونجرس، ولكنهم في مجلس الشيوخ لم يتمكنوا من الحصول على الأصوات (الستين) اللازمة لإقرار مشروع قانون الإنفاق.
ومنح ذلك «الديمقراطيين» نفوذًا لمحاولة الدفع ببعض أولوياتهم، وخصوصًا تمويل الرعاية الصحية، وكان الديمقراطيون يسعون إلى عكس التخفيضات التي أجراها ترامب هذا العام على برنامج «ميديكيد»، وهو برنامج رعاية صحية حكومي يستفيد منه ملايين المسنين والمعاقين وذوي الدخل المحدود.
وكان «الديمقراطيون» يُحاولون أيضًا توسيع نطاق الدعم من قانون الرعاية الصحية المُيسرة الذي يخفض التكلفة الشهرية للرعاية الصحية لملايين الأمريكيين.
كان موقف الجمهوريين هو أن مناقشة الرعاية الصحية يُمكن أن تتم بعد الاتفاق على خطة إنفاق مُؤقتة، وأنه من الضروري تجنب الإغلاق للحفاظ على استمرار برامج الحكومة أثناء مناقشة الرعاية الصحية.
ويتضمن «الاتفاق الجديد» الذي توصل إليه عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين والجمهوريين اتفاقًا على التصويت في ديسمبر على تمديد «دعم الرعاية الصحية» الذي من المقرر أن ينتهي هذا العام.
لقد انتهى «أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة»، لكن «الأزمة السياسية» التي سببتها لا تزال تُشغل بال الأمريكيين. بينما يُهنئ «الكونجرس» على إنجازه، تبقى الأنظار مشدودة إلى المرحلة القادمة، حيث يستمر التحدي الأكبر في تحقيق التوازن بين السياسات الداخلية والضغوط العالمية. مع مرور الوقت، سيظهر ما إذا كانت هذه اللحظة الحاسمة ستُعيد الاستقرار بشكل دائم أو مُجرّد لحظة عابرة في سلسلة الأزمات التي قد تليها.