حوض النيل

الإخوان يعودون لاستعداء الخارج.. السودان مهدد بعزلة دولية جديدة

الأربعاء 12 نوفمبر 2025 - 03:46 م
هايدي سيد
الأمصار

حذّر محللون سياسيون ودبلوماسيون من أن الخطاب العدائي المتزايد الذي تتبناه بعض القيادات في الجيش السوداني وتنظيم الإخوان، قد يعيد السودان إلى دائرة العزلة الدولية التي عانى منها طويلاً خلال تسعينيات القرن الماضي، في وقتٍ يحتاج فيه البلد إلى الدعم الخارجي لإيقاف الحرب المدمّرة واستعادة الاستقرار.

وجاءت هذه التحذيرات عقب تصريحات حادة أطلقها قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الذي قال خلال خطاب أمام وحدات عسكرية في مدينة أم درمان الأسبوع الماضي إن "الحملة التي تقودها دول البغي والاستكبار ضد السودان ستنكسر، وسينتصر فيها الشعب السوداني"، في لهجة وُصفت بأنها تصعيدية وتعيد إلى الأذهان مفردات الخطاب السياسي الذي استخدمه نظام الإخوان سابقاً ضد المجتمع الدولي.

كما أثار مساعد البرهان، الفريق ياسر العطا، الجدل بعد أن سخر علنًا من مبادرة “الرباعية الدولية”، والتي تضم مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة، معتبرًا أن أي مسار للتفاوض أو التصالح "غير مقبول في المرحلة الحالية"، في موقف يعكس رفضًا واضحًا لمبادرات السلام الإقليمية والدولية.

أما وزير الخارجية السوداني محيي الدين سالم، فقد هاجم الخطة المقترحة من الرباعية ووصفها بأنها "من صنع من صنعها"، مضيفاً أن حكومته "لا تتعامل معها لأنها لا تعبّر عن إرادة السودان"، ما فُسّر على نطاق واسع كإشارة إلى القطيعة مع الجهود الدولية لإحلال السلام.

ويرى البرلماني والوزير الأسبق في وزارة الخارجية السودانية مهدي الخليفة أن هذه التصريحات تمثل "خللاً دبلوماسياً واضحاً"، مشيراً في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية" إلى أن "البلاد تحتاج إلى تهدئة الخطاب، لا إلى تأجيج المواجهة مع دول كانت حتى الأمس القريب تقدم الدعم الإنساني والسياسي للسودان".

ويعتقد محللون أن الخطاب العدائي الموجّه إلى الخارج ليس مجرد موقف عابر، بل إستراتيجية سياسية يتبناها تنظيم الإخوان وبعض قيادات الجيش بهدف حشد الأنصار داخلياً، وتبرير استمرار الحرب بوصفها "معركة سيادة وطنية" ضد "قوى التبعية".

الباحث السوداني الأمين بلال أوضح أن “استعداء الخارج بالنسبة للإخوان ليس خيارًا طارئًا، بل مشروع وجودي”، مضيفاً أن “أي تسوية سياسية حقيقية تعني فتح ملفات المحاسبة وكشف التجاوزات التي ارتكبت خلال العقود الثلاثة الماضية، وهو ما يهدد بقاء التنظيم سياسياً”.

ويحذّر مراقبون من أن عودة السودان إلى سياسات العداء والانغلاق قد تكلّف البلاد أثماناً باهظة، ليس فقط على المستوى الدبلوماسي، بل أيضاً الاقتصادي والإنساني، خاصة في ظل الحرب المستمرة منذ أكثر من 32 شهراً، والتي خلّفت أكثر من 150 ألف قتيل، وشرّدت نحو 15 مليون شخص داخل البلاد وخارجها، وألحقت خسائر بمليارات الدولارات بالبنية التحتية والاقتصاد الوطني.

ويرى الصحفي والمحلل السياسي السوداني فايز السليك أن “الخطاب العدائي الحالي امتداد مباشر لسياسات الإخوان السابقة التي جعلت السودان منبوذاً في الإقليم، ومنعته من الاستفادة من فرص التعاون الاقتصادي والدعم التنموي”، مضيفاً أن "البلاد بحاجة إلى دبلوماسية رشيدة تُعيد بناء الثقة مع المجتمع الدولي، لا إلى لغة التهديد والتحدي".

ويختتم المراقبون تحذيراتهم بأن استمرار هذا النهج قد يُغرق السودان في عزلة جديدة، تماماً كما حدث في تسعينيات القرن الماضي، حين دفعت سياسات النظام السابق البلاد إلى القطيعة الدولية والعقوبات الاقتصادية، وهو سيناريو لا يحتمل الشعب السوداني تكراره وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة.